تعد المتاحف العامة والخاصة بمحافظة جدة سجلا زاخرا بشواهد الماضي وتتحدث عنها لغة الحاضر العريق، وتقف منطقة جدة التاريخية شامخة في مقدمة المتاحف المفتوحة رغم الزحف المعماري الذي اجتاحها بغزارة ما تخفيه من أبنية تراثية قديمة. ويتابع أجيال اليوم ما تسجله المتاحف من محاكاة واضحة لما كان عليه رتم حياة الآباء والأجداد لتشد أبناء المجتمع بما تقدمه من مقتنيات أثرية وأزياء ومعروضات وأكلات شعبية إذ يعد الكورنيشان الشمالي والأوسط متحفين ساحليين مفتوحين والميادين العامة لما تحويه من مجسمات جمالية تزيد على 360 مجسما تظهر مدى ارتفاع الحس الهندسي بجهود أمانة محافظة جدة. وتصنف المعروضات بهذا المتحف المفتوح إلى ثلاث مجموعات رئيسة الفن الشعبي أو البنيوي والعضوي والتعبيري، ويعد متحف قصر خزام أهم المتاحف ضمن قصر الملك عبدالعزيز الذي يعبر عن الجمال المعماري كأول مبنى شيد بالإسمنت المسلح قبل 85 عاما، حيث قضى به الملك عبدالعزيز - رحمه الله - جانبا من حياته العملية واستخدمه ديوانا يستقبل به ضيوف الدولة وكبار المسؤولين وعامة الشعب. وقد شهد القصر توقيع اتفاق الامتياز للتنقيب عن البترول بين حكومة المملكة وشركة ستاندر أويل أوف كاليفورنيا عام 1352 واتفاقات إقامة علاقات بين المملكة وعدد من الدول، كما استخدمه الملك سعود بعد وفاة المؤسس مكاتب إدارية حتى عام 1384. ونظرا إلى أهميته التاريخية تم تسليمه لوكالة الآثار والمتاحف ورممت مقدمته مع الاهتمام بمراعاة المحافظة على طابع المبنى المعماري. ويحتوي القصر على بعض من المقتنيات الشخصية للملك عبدالعزيز والملك سعود - رحمهما الله- وصور لآثار المملكة وآثار عصر ما قبل التاريخ إلى العصر الحجري ومعروضات من فجر الإسلام والعصور الإسلامية المتأخرة ومعروضات عن مدينة جدة قديما وحديثا ومقتنيات التراث الشعبي وعدد من الصور التاريخية لملوك المملكة مع رؤساء الدول والوفود الرسمية وصور المراسلات والوثائق والعملات الورقية والمعدنية التي صكت في عهد المؤسس وابنه الملك سعود. كما تم البدء في أعمال المرحلة الأولى من المراحل الثلاث لبناء أكبر متحف لجدة التاريخية بقصر خزام ويعد الأكبر خليجيا. ومن متاحف جدة متحف الأمانة "بيت البلد" الذي يحتل مبنى قديما بوسط المدينة تم ترميمه وتجهيزه للعرض المتحفي بشارع الملك عبدالعزيز بحي البلد. ويلفت متحف البنط "ميناء جدة القديم" أنظار الزوار بعراقة بنائه العثماني قبل أكثر من 150 عاما، ويحتوي المتحف على مجموعة أثاث خشبي تراثي وألواح زيتية للفنان فازارلي. واكتسب مركز الملك عبدالعزيز الثقافي "متحف أبرق الرغامة" شهرة واسعة لارتباطه بتاريخ المملكة، حيث شكل الموقع آخر نقطة وقف فيها الملك عبدالعزيز قبل دخوله جدة وهو يقود مسيرة توحيد المملكة فقد عسكر الملك المؤسس بجيشه بهذا المكان ودخل جدة في سلام. ويقع المتحف على مساحة 150 ألف متر، ويحتوي على مبان وساحات مفتوحة ومناطق خضراء ومداخل تتضمن المبنى الرئيس الذي يرمز إلى رباط الملك عبدالعزيز، بموقع أبرق الرغامة من خلال الخيام بالواجهة الأمامية للمتحف، فيما ترمز الواجهة العليا بمكوناتها من السور والراية إلى مفهوم توحيد المملكة. وتمثل هذه الفكرة الاتصال والتعاضد بين الأجزاء بما يرمز إلى وحدة المملكة تحت راية التوحيد التي تتوسط مجموع التكوينات المعمارية، ويتم استخدام المدخل الرئيس لبداية لعرض والتركيز على تاريخ الملك عبدالعزيز وقدومه من خلال إطلالات بانورامية. ويعد متحف بيت نصيف الأثري أحد المعالم الأثرية بوسط جدة التاريخية، ويعود بناؤه إلى قبل 150 عاما، وتكمن أهميته منذ أن سكن به المؤسس عقب دخوله جدة. وشهد البيت اتفاق تسليم جدة، كما شهد عددا من اتفاقات العلاقات والتعاون التي أبرمها المؤسس مع عدد من مبعوثي وسفراء الدول الصديقة. ويحتوي البيت على كثير من التحف والصور القديمة والمجالس الجداوية التراثية والمشغولات اليدوية والحرفية وعدد من الأسلحة القديمة النادرة. وتضم مدينة جدة متحف جامعة الملك عبد العزيز ومتحفي كلية علوم البحار وكلية علوم الأرض وعددا من المتاحف الخاصة المغلقة، أبرزها "مدينة الطيبات" الذي يعد أكبر المتاحف بجدة ويشكل مدينة تراثية مغلقة تقع على مساحة عشرة آلاف متر مربع، وتضم أكثر من 14 ألف قطعة أثرية وتراثية موزعة على 67 قاعه تضم بيت التراث العربي والسعودي. ويتكون المتحف من 19 وحدة و15 نافورة متصلة ببعضها بعضا بجدول المياه المتحركة، ويعلو المتحف تسع مآذن بارتفاعات مختلفة وتجسدت به عناصر العمارة القديمة. كما يجسد متحف "صفية بن زقر" تراث جدة والعادات والتقاليد والمزين باللوحات الفنية فيما يحتوي متحف "قلعة الفنون التراثية" على مقتنيات أثرية وتراثية وأزياء تقليدية ومكتبة أدبية. ويضم متحف الفنان التشكيلي الدكتور عبدالحليم رضوي كثيرا من لوحات الفن التشكيلي الزيتية والمائية والمعدنية والخشبية وعددا من المجسمات الفنية.