قبيل ساعات من انطلاقة مباريات أول من أمس التي أسدلت الستارة على مواجهات دور المجموعات في دورة كأس الخليج العربي ال22 المقامة في الرياض حتى 26 الحالي، كان الملل قد تسرب إلى النفوس، فقد خلت 10 مباريات سابقة من الإثارة، ومن ارتفاع المستوى الفني، ومن النجوم، وندرت فيها الأهداف فلم تشهد سوى 13 هدفا بمعدل 1.3 هدف في كل مباراة، وانتهت 6 منها بالتعادل، وكان التحفظ في الأداء سيد الموقف والنتائج. كانت وجوه الإعلاميين تتلون بالمرارة، فليس ثمة ما يستحق القول، وحتى التصريحات التي اعتادتها الدورة مدوية ومثيرة للجدل، بدت باردة للغاية، وغريبة عن أجواء الدورة التي تحفظ سجلاتها تصريحات بقيت لسنوات وسنوات مثار الجدل والتندر. كان الهمس يدور حول دورة تجتر الأحداث، فليس هناك مفاجآت حقيقية على مستوى النتائج، وليس هناك نجم يسرق الأضواء، وليس هناك تصريح يخطف الأضواء، ولذا بدت الأقدام ثقيلة وهي تغادر نحو ملعبي المباراتين الأخيرتين، فقد بدا الأمر أشبه بحصة عذاب جديدة بلا روح ولا مستوى، لكن ما حدث في الملعبين كان بمثابة زلزال ضرب أركان التاريخ في مقتل، فالمنتخبان الأقل إنجازا في سجلات دورات الخليج (عمان بلقب واحد، والإمارات بلقبين) أقصيا الأكثر خبرة ودراية (الكويت ب10 ألقاب، والعراق ب3 ألقاب). مصادفة صادفت مباراة عمانوالكويت احتفالات الأولى بالذكرى ال44 ليومها الوطني، وفي الدقيقة 44 من المباراة كان المهاجم العماني عبدالعزيز المقبالي يترك بصمته بهدف أول في شباك الكويت مستفيداً من تمريرة زميله علي البوسعيدي. كانت المصادفة الغريبة فاتحة خير للعمانيين، فيما بدا الكويتيون محبطين، بطيئين، متباعدين، ثقيلين في العودة إلى سد المنافذ نحو مرماهم أمام سيطرة عمانية مطلقة استكملت بتسجيل 4 أهداف جديدة. ولم يكن الجمال فقط في الأهداف التي رقص العمانيون على إيقاعها، وإنما بنجم سطع على حين غرة فألهب الأكف وسرق الأضواء. في الدقيقة 42 من المباراة، اقترب الحكم الرابع قليلا من الخط الجانبي للملعب، ورفع لوحته الإلكترونية مشيراً إلى استبدال اللاعب محمد السيابي بزميله سعيد الرزيقي (28 عاما) والملقب ب"الشلهوب". وكانت 5 دقائق فقط من الجري كافية للشلهوب ليفجر هدفا ثانيا لمنتخبه في شباك الكويت، وأول له في الدورة، مخرجا العمانيين إلى استراحة بين الشوطين بارتياح لتقدمهم بفارق هدفين. واحتاج الشلهوب ربع ساعة جديدة في بداية الشوط الثاني للمباراة ليسجل هدفين جديدين أول لاعب يسجل هاتريك في الدورة، قبل أن يعود المقبالي ليختتم المهرجان بهدف خامس، فرض صمت الدهشة على الكويتيين، وفجر الأفراح في المدن العمانية حيث كانت شاشة تلفزيون عمان قد قسمت إلى 4أجزاء ينقل كل جزء منها أصداء الفرح في المدن العمانية المختلفة. وكان العماني الشلهوب قد التحق بالمنتخب من الباب الضيق، ففي الليلة السابقة لسفر المنتخب نحو الرياض كان المدرب الفرنسي "بول لوجوين" يفتش في دفاتره العتيقة بعدما أفلس من المهاجمين، وبعدما أدت إصابة الهداف عماد الحوسني إلى بعثرة أوراقه فاستعان أولا بالمخضرم هاني الضابط، لكن ابتعاد الأخير لفترة لم يكن ليبعث الطمأنينة، فاضطر "لوجوين" لطلب استدعاء الشلهوب، ولم يخيب الأخير الظن، فكان أفضل الإضافات في أحرج الأوقات. يوم جديد وتحولت أروقة فندق الإعلاميين إلى خلية نحل عقب عودتهم من الملاعب، وكانت الصورة مغايرة تماما عنها عند مغادرتهم لهم قبل ساعات متوجهين نحو الملعب، وبدا كأنهم في يوم جديد، ففي خماسية عمان التي ألحقت الخسارة الأكبر بالكويت عبر تاريخها الخليجي كان هناك حديث كثير يمكن أن يقال، ويمكن أن يعيد التكهنات والتوقعات عن البطل المقبل للدورة ويضعها على صفيح ساخن، ويمكن كذلك أن يفتح صفحة الإثارة ويشعل الأجواء الراكدة. وحدهم الكويتيون كانوا غاضبين، ورأوا أن منتخبهم خلع "الأزرق" وتاه في الميدان، وسدد ثمنا باهظا لفاتورة الانشغال بالتصريحات الجانبية، ومتاعب الاحتجاج على حكم المباراة، وعلى قرار استبعاد المنسق الإعلامي طلال المحطب.