تساءل أحد مشاركي ثاني اللقاءات التحضيرية للقاء الوطني العاشر للحوار الفكري تحت عنوان "التطرف وآثاره على الوحدة الوطنية"، عن المتطرفين وأين هم؟ مشيرا إلى أن جميع حضور اللقاء متفقون على أن التطرف داء مضر، لكن لماذا نتحاور على ما نتفق عليه. وأوضح المشارك جميل اليوسف خلال اللقاء الذي عقد أمس في مدينة سكاكا بمنطقة الجوف، أن المتحاورين يتبادلون الحديث مع أنفسهم، حيث إن جميع ال66 مشاركا ومشاركة من العلماء والدعاة، والمثقفين، والإعلاميين والمهتمين بالغلو والتطرف وانعكاساته على المجتمع، يحملون نفس الفكر ونفس الرأي، فلم يحاورون أنفسهم وسط غياب الطرف الثاني الذي يحمل فكراً متطرفاً يخالف فكر المتواجدين ليتم الحوار والخروج بنتائج. وشهد اليوسف تأييد عدد من الحضور، فيما رد عضو أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الشيخ محمد الدحيم قائلاً: إن هذا اللقاء "هو حوار مع وحوار لأجل"، مبينا أنه "حوار مع" لبحث الأفكار التي تواجه التطرف؛ فلدينا عدد من الأفكار والأطروحات، و"حوار لأجل" بلورة هذا الحوار وتقديمه لمجلس الأمناء، ثم يرفع لصاحب القرار، وبعدها تأخذ كل وزارة ما يخصها من توصيات. من جهته، قال الدكتور محمد الصالح أحد المشاركين، عضو أدبي الجوف "إننا نتحاور ونحن خائفون، أعلم أننا لن نقتاد من الجلسة للسجن، ولكن هناك خطوط حمراء لا نستطيع تجاوزها في المؤسسات الرسمية، وقد أيده عدد من الحضور". وهاجم الكثير من الحضور وسائل الإعلام وقصورها في تغطية جهود الدولة لخدمة الإسلام والمسلمين، وتندر أحدهم بأن قنواتنا الوطنية تغرد خارج السرب وتعرض سباقات الهجن، في الوقت الذي تبث فيه قنوات أخرى معادية السموم في المجتمع، مطالبين بنزول العلماء وأصحاب الفكر المعتدل إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومواجهة الفكر بشكل مباشر، ومناقشة الطرف الآخر، حيث أصبح الميدان الإلكتروني بيئة خصبة لنمو التطرف. وكان مركز الحوار الوطني قد عقد أمس لقاءه التحضيري الثاني، والذي يهدف إلى التعرف على رؤية المجتمع وتطلعاته حول واقع هذه الظواهر السلبية وكيفية حماية المجتمع من آثارها. وأكد عدد من المشاركين والمشاركات، على أهمية نشر ثقافة الحوار وأهمية المشاركة الوطنية على مستوى المؤسسات والأفراد من أهل الرأي، وتكامل الجهود للعمل ضد من يسهم أو يدعو إلى الإقصاء أو النيل من الوحدة الوطنية. وبين المشاركون المخاطر التي يمثلها وجود وانتشار الأفكار المتطرفة وتهديداتها للوحدة الوطنية. وأكد عضو مجلس أمناء المركز الشيخ محمد الدحيم، في كلمته الافتتاحية في اللقاء، أهمية اللقاء في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها المنطقة، وأن أخطار التطرف والتشدد والغلو تهدد الإنسان والمكان. إلى ذلك، أكد الدكتور منصور الحازمي، عضو مجلس أمناء المركز، أن مبادرة الحوار من المبادرات التاريخية لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ تأسيسه قدم العديد من الإنجازات واللقاءات والمبادرات التي أصبحت معروفة لدى الجميع. وقال الحازمي إن ما قام به المركز منذ انطلاق أعماله من مبادرات وبرامج ولقاءات كانت جميعها تدعو إلى نبذ التطرف والتمسك بقيم الحوار وموضوعيته، وإن المركز أصدر العديد من الدراسات والكتب التي تؤصل مفهوم الحوار من ناحيته الشرعية وتعميقه في المجتمع لدى جميع الأطياف الفكرية. كما أكدت الدكتورة نوال العيد، عضو مجلس الأمناء في المركز، في كلمتها، أن الوسطية من ثوابت الأمة الإسلامية، وأن التطرف حالة مرضية ترفضها الأمم والشعوب والفطرة السليمة. وقالت العيد إن التنوع سنة من سنن الله الكونية، وإن اختلاف الرأي يجب ألا يفسد العلاقة بين أبناء المجتمع الواحد، وإن الوطن يستوعب الجميع، وإن من أهم سبل علاج التطرف هو الدعوة إلى الوسطية ومواجهته فكريا.