أظهرت النتائج النهائية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس التي أعلنت صباح أمس، فوز حزب "نداء تونس العلماني" ب85 مقعدا في البرلمان الجديد المؤلف من 217 عضوا، في حين حصلت حركة النهضة التابعة لجماعة الإخوان على 69 مقعدا. وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار النتائج النهائية للانتخابات خلال مؤتمر صحفي أمس، مشيرا إلى حصول حزب الاتحاد الوطني الحر العلماني على 16 مقعدا، وحركة الجبهة الشعبية ذات التوجهات اليسارية على 15 مقعدا وفاز حزب آفاق تونس الليبرالي ب8 مقاعد، فيما توزع 24 مقعداً على أحزاب أخرى. وأشاد مراقبون دوليون بنزاهة الانتخابات التشريعية التونسية التي جرت الأحد الماضي، ووصفوها بأنها "شفافة وذات مصداقية"، كما عبرت الجامعة العربية أيضا عن ارتياحها لنجاح الانتخابات التونسية ونزاهتها. وعلى ضوء النتائج التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، اعترف مسؤولون في حركة النهضة أن نتائح الانتخابات كانت عقابا على الحكم في فترة حرجة اقتصادية وأمنية، مطالبين بحكومة وحدة وطنية للمساهمة في دعم الديمقراطية الناشئة، فيما تعهد زعيم حركة النهضة في تونس راشد الغنوشي أمس، بأن حزبه سيكون حارسا للدستور وللحريات وحقوق الإنسان. وفي سياق متصل، قالت تقارير إن هزيمة النهضة أمام منافسه العلماني "نداء تونس"، وإن كانت طفيفة فهي تبدو صفعة لحزب النهضة الذي وصل للحكم عقب انتفاضات الربيع العربي في 2011، مشيرة إلى أن عدم فوز أي حزب بالأغلبية المطلقة سيحتم على حزب "نداء تونس" تشكيل ائتلاف مع شركاء في مفاوضات من المرجح أن تستمر عدة أسابيع لتشكيل حكومة جديدة. وأضافت التقارير، أن رئيس ومؤسس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، سيكون أمام معادلة حرجة ودقيقة، لافتة إلى أن التحالف مع أحزاب علمانية صغيرة يمنحه أغلبية، ولكن استثناء خصم قوي مثل "النهضة" قد يشوه الصورة التي برز بها التونسيون على أنهم قادرون على التوافق. وهي ميزة ساهمت في خفض التوتر وأنهت مأزقا سياسيا العام الماضي. وذكرت التقارير أن حزب "نداء تونس" الذي أسس قبل عامين لكبح هيمنة جماعة الإخوان، والذي يضم مزيجا من مسؤولين عملوا مع الرئيس السابق زين العابدين بن علي ونقابيين ويساريين لا يمكنه أن يحكم بمفرده. ولكن اختيار شركائه وكيفية تعامله مع خصمه النهضة سيحدد الخطوات المقبلة في البلاد. وكان رئيس حزب "نداء تونس" قد قال عقب إعلان فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية: "لن نحكم وحدنا ولكن يتعين الانتظار للحسم في موضوع التحالفات بعد الانتخابات الرئاسية". يذكر أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في 23 نوفمبر المقبل في آخر خطوة نحو الاستقرار السياسي، وألمحت مصادر إلى أن السبسي سيكون أبرز المرشحين للفوز بمنصب الرئيس، لافتة إلى أن أي إعلان عن نية التقارب بين نداء تونس والنهضة قد يغضب مؤيدي السبسي الذين صوتوا ضد جماعة الإخوان في الانتخابات الأخيرة، وقد يهدد بتقلص رصيده الانتخابي ويعرقل حلمه في الوصول إلى قصر قرطاج.