انطلقت في تونس أمس، حملة الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 26 تشرين الأول (أكتوبر)، التي سينبثق منها أول برلمان وحكومة منتخبَين في مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011. وتكتسي الانتخابات التشريعية أهمية بالغة إذ يمنح دستور الجمهورية الثانية الذي تمت المصادقة عليه في 26 كانون الثاني الماضي، سلطات كبيرة للبرلمان الذي يتكون من 217 مقعداً، ولرئيس الحكومة مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية. وتتواصل الحملة الانتخابية ل 22 يوماً، ويُنتظر أن يكون يومها الأول هادئاً لتزامنه مع عيد الأضحى. وتتنافس في الانتخابات التشريعية 1327 قائمة (1230 داخل تونس و97 في الخارج) موزعة على 33 دائرة انتخابية (27 داخل تونس و6 في الخارج). وأولى المترشّحون أهميّة كبيرة، ضمن برامجهم الانتخابية، للنهوض باقتصاد البلاد المتعثر منذ ثورة 2011، وأيضاً لمكافحة «الإرهاب». وكانت تونس شهدت في العام الماضي أزمةً سياسية حادة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عناصر من الجيش والأمن في هجمات نسبتها السلطات إلى جماعة «أنصار الشريعة في تونس» المرتبطة بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وأسقطت تلك الأزمة حكومة حمادي الجبالي (الأمين العام السابق لحركة النهضة) المنبثقة من انتخابات «المجلس الوطني التأسيسي». كما أسقطت حكومة خلفه علي العريض (الأمين العام الحالي لحركة النهضة) التي استقالت مطلع العام وتركت مكانها لحكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة لإخراج البلاد من الأزمة السياسية. وأعلنت وزارتا الدفاع والداخلية، في وقت سابق، أن مجموعات إسلامية متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تخطّط لتنفيذ هجمات «إرهابية» لاستهداف المسار الانتخابي في البلاد. ووفق نتائج استطلاعات رأي محليّة أُجريت في وقت سابق، يُعتبر حزبا «النهضة» الإسلامي وخصمه العلماني «نداء تونس» (وسط) الذي أسسه في عام 2012 رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي، الأوفر حظاً للفوز بالانتخابات التشريعية. وقال رئيس «النهضة» راشد الغنوشي في مقابلة صحافية أُجريت معه أخيراً، رداً عن سؤال حول إمكانية تحالف الحركة مع «نداء تونس» لتشكيل الحكومة القادمة: «نتحالف مع كل من تفرزه صناديق الاقتراع، ويُبدي استعداده للتحالف معنا». لكن السبسي استبعد التحالف مع «النهضة» ما لم «توضح موقفها» من جماعة الإخوان المسلمين التي صنّفتها مصر تنظيماً «إرهابياً». وقال السبسي في مقابلة صحافية: «كي نتحالف مع النهضة يجب أن يكون لنا نفس التوجه (السياسي) لكن الواقع ليس كذلك. وطالبناها بأن توضح موقفها من (جماعة) الإخوان المسلمين». وتقول أحزاب معارضة تونسية إن حركة النهضة جزء من «التنظيم العالمي للإخوان المسلمين» وإنها تخطّط على المدى الطويل لإقامة «دولة خلافة» في تونس في حين تنفي الحركة ذلك. وتشهد تونس في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التي سيشارك فيها 27 مرشحاً بينهم امرأة. ويبلغ عدد التونسيين المسجلة أسماؤهم على قوائم الاقتراع للانتخابات التشريعية والرئاسية خمسة ملايين و236 ألفاً و244 شخصاً، بينهم 311 ألفاً و34 شخصاً يقيمون في دول أجنبية وفق إحصائيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.