اطلعت، وغيري الكثير، على مقطع الفيديو الذي ظهر فيه أحد طلاب المرحلة الابتدائية وهو يتحدث بكل براءة عن صورة فتاة في أحد المناهج الدراسية، ويبدو أن النقاش كان بين الطالب وزميله، ثم اقترب منهما المعلم مستخدما الكاميرا لتوثيق الحوار، وتوجيهه نحو منحى يريده مسبقا ويبحث عنه. لم يود الطفل الخوض في الحديث حول الصورة، إلا أن رفيقه أصر عليه، وأخبر معلمه أن ما دار بينهما يخص صورة "ميساء" المطبوعة على صفحة الدرس ذلك اليوم، بعدها استقبل هذا الطالب أسئلة مدرس المادة التي تخص الصورة، وحاول الإجابة عنها ببراءة الأطفال المعهودة، فقد أبدى إعجابه بما يراه، وهو أمر معتاد ومتوقع، فطبيعة صغار السن حب الاكتشاف، والإعجاب بما تقع عليه أعينهم، بيد أن المعلم رأى في ذلك تغريبا، وقال: "هذا هو التغريب" وهذه هي الرسالة التي يود الوصول إليها؛ ليحفظها في جهازه، ويبثها فيما بعد عبر شبكة الإنترنت، علّها تكون برهانا على ما وقر في ذهنه من تصورات. صراحة لا أعلم كيف ربط المعلم صورة الفتاة بالتغريب. ربما في الماضي يكون لهذا الفكر قبولا، لكن اليوم وسط انتشار التلفاز والإنترنت ونحوه بات الأمر مختلفا، ولم تعد الصورة تحمل تلك الدلالات المخيفة التي كانت تُلصق بها، ثم إن المدرسة تُدرس مواد اللغة العربية، وتكثف المناهج الدينية، وتجعل ثوابت الدين الإسلامي أساسا تنطلق منه. للأسف ثمة من لديه هوس مفرط فيما يخص ثقافة التغريب القادمة من خارج الحدود، حتى صار يقرؤها في تصرفات الأطفال وأحاديثهم التي ليس لها علاقة بما يعتقد. ليت المعلم اهتم أكثر بتطوير مهارات طلابه، فلقد لاحظت أن الطالب لم يستطع قراءة اسم "ميساء" المدون بجانب الصورة التي أثارت البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقتما شاهدوا ما دار حولها، وقد تبين أن أسلوب القمع بالصراخ والتخويف مازال متوارثا، يمارسه المعلم لمنع طلابه من النقاش والمداخلات؛ ومعلوم ما لهذا النمط التربوي من تبعات على شخصية الطالب ومستقبله، والأهم من ذلك هو التساؤل عن مدى قانونية أخذ مقطع فيديو لطلاب داخل فصل دراسي، ونشره دون موافقة ذويهم وقبلهم موافقة الجهة الرسمية التي ينتمي إليها المعلم.