كشف عضو "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن"، أرسلان شيخاوي، عن اعتماد استراتيجية أميركية أمنية تولي أهمية خاصة للقارة الأفريقية، ومنها شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، وتضع الجزائر ضمن دولها "المفتاحية". وقال شيخاوي إنه تم تشكيل مجموعة ضغط يقودها العقيد كانت بوتس، من المعهد الحربي للجيش الأميركي، تعمل على إبراز الرهانات الأمنية التي تمثل مصدر قلق بالغ للإدارة الأميركية، مما يدفعها إلى توثيق العلاقة مع عدد من البلدان المفتاحية، منها الإسراع في إقامة منطقة تبادل حُر بين واشنطن ودول شمال أفريقيا، بينها الجزائر. وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان "أهمية أفريقيا في الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأميركية"، أن هذه أهمية القارة تكمُن في تحولها إلى بديل لدولة عربية أخرى، وبالتالي سيتم تحضيرها لاحتضان مواقع متقدمة للقيادة المركزية الموجودة حالياً في قطر. كما أنه سيتم زيادة دور أفريقيا في مجال التزود بالنفط والطاقة على حساب منطقة الخليج، التي كشفت، بحسب الدراسة، عن هشاشة، لا سيما مع بروز ما عرف ب"الربيع العربي"، يضاف إلى ذلك التزود بمختلف المعادن المهمة مثل البلاتين والمانجنيز والكروم. وحسب الدراسة، فإن الإدارة الأميركية قررت التسريع من وتيرة إقامة مناطق تبادل حر مع دول شمال أفريقيا، منها الجزائر وأفريقيا جنوب الصحراء، أي أساساً منطقة الساحل وأطرافها المباشرة. ولاحظ شيخاوي أنه "منذ سقوط حائط برلين وزوال الكتلة الشرقية، أضحت الولاياتالمتحدة في منعرج يقتضي إعادة صياغة سياستها الأمنية، وهو ما يتطلب إنشاء منطقة أميركية للتعاون والشراكة متعددة المجالات، تضم أميركا اللاتينية وسيبريا وجزءا من أفريقيا. وأشار إلى أن الأمن القومي أضحى اليوم لا ينحصر في الحسابات العسكرية الصرفة، بل يرتكز على أربعة أسس، هي: القوة العسكرية والنفوذ الدبلوماسي والثقافي والاستقلالية في توفر الموارد الطبيعية، وأخيراً القدرة التنافسية في التجارة الدولية. وأكد شيخاوي أن الولاياتالمتحدة ستواصل إبراز إراداتها باستخدام القوة العسكرية، مما سيدعم نفوذها الدبلوماسي من خلال التزاوج بين القوتين الصلبة واللينة، حيث تسمح التدخلات العسكرية للولايات المتحدة بتدعيم نفوذها وتأثيرها في العالم، ويشكل مجلس الأمن الدولي عامل إبراز الريادة الأميركية. وعلى هذا الأساس، تركز واشنطن على مناطق شراكة وتعاون محددة في أنظمة إقليمية فرعية، هي القارتان الأميركية والأفريقية، فيما تشكل الكتلة الغربية نقطة ارتكاز وتوازن في مواجهة أوروبا واليابان، وتقوم الولاياتالمتحدة بتشجيع زيادة إمداداتها من المناجم والطاقة من أميركا اللاتينية، كامتداد لاستراتيجية إدارة جورج بوش (الأب)، ثم بيل كلينتون، مع تقليص ديون دول أميركا الجنوبية وإنشاء صناديق استثمار وإقامة مناطق تبادل حر. أما المنطقة الثانية، فهي أفريقيا الحليف التقليدي لأوروبا، وخاصة فرنسا، حيث تسعى واشنطن إلى زحزحة مكانة باريس التي تبقى الدولة الوحيدة التي تتحرك وفق سياسة حماية سيادتها، وتتضمن أولويات الاستراتيجية الأميركية ضمان بسط السيطرة والنفوذ والحصول على تسهيلات عسكرية وإقامة قواعد. وتم تحديد دول مفتاحية في الاستراتيجية الأمنية المعتمدة التي يتم التركيز عليها تحت مبدأ الشراكة المربحة للطرفين، وهي دول تمتلك مواصفات خاصة، منها الغنية بالثروات الطاقية والمنجمية، وطرق المواصلات، وانتشار التجهيزات العسكرية والأسلحة. وهذه البلدان هي جنوب أفريقيا والجزائر وكينيا والكونجو الديموقراطية وإثيوبيا وليبيا وزيمبابوي والمغرب ونيجيريا. وهذه الدول عموماً توجد في أقواس أزمات وتواجه عدة رهانات وتحديات، خاصة منها بلدان شمال أفريقيا والساحل والقرن الأفريقي، مع بروز ما تعرفه الاستراتيجية الأميركية بالتيارات المتطرفة المسلحة، على شاكلة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، وجماعة "بوكو حرام" و"حركة الشباب الجهادية الصومالية".