يعتقد الخبير الجزائري في العلاقات الدولية الدكتور ساحل مخلوف أن الوضع شمال مالي ذاهب نحو تسوية سياسية سلمية وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية سترمي بكل ثقلها في مجلس الأمن من أجل منع أي تدخل عسكري مثلما تدعو إليه فرنسا. وقال الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية بالعاصمة الجزائر في قراءته لموقف إدارة واشنطن بشأن تدعيمها للحل السياسي والسلمي شمال مالي الذي جاء على لسان القائد الأعلى لقيادة القوات المسلحة الامريكية بإفريقيا (أفريكوم) الجنرال كارتر هام الذي أنهى زيارة للجزائر الأحد، أن الطابع المعقد للوضع شمال مالي والتداعيات الخطيرة والكثيرة الناجمة عن أي عمل عسكري أو تدخل مباشر هو الذي دفع بالموقف الأمريكي أن يكون مؤيدا للموقف الجزائري الذي يدعو لتسوية سياسية وسلمية للمعضلة المالية وهو ما يؤكد صواب الموقف الجزائري الذي دعا منذ بداية الأزمة شمال مالي إلى حل سياسي مستديم عبر إعادة بناء منطق دولاتي شامل يأخذ بعين الاعتبار المطالب الاقتصادية والاجتماعية المعبّر عنها شمال مالي وعبر تقديم مساعدة عسكرية لإعادة بناء الجيش المالي حتى يتمكن من مواجهة مختلف الأخطار التي يعاني منها لا سيما بعد التقاطع الذي أصبح واضحا بين الجماعات الإرهابية والشبكات الإجرامية المنظمة العابرة للحدود. ويعتقد مخلوف أن التباين بين الموقف الفرنسي والأمريكي بخصوص حلّ الأزمة شمال مالي قد يثير حوله نقاشا كبيرا في مجلس الأمن لأن كل من فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وبالنسبة له فإن الاختلافات الاستراتيجية الفرنسية الأمريكية لا يمكن فصلها عن التنافسية الاقتصادية على مستوى القارة الإفريقية فواشنطن تسعى إلى التغلغل أكثر في المنطقة لتوسيع النفوذ والهيمنة على مصادر الثروة بالقارة الإفريقية ومن جهتها تسعى فرنسا إلى الحفاظ على نفوذها في القارة الإفريقية كمستعمر قديم وهو ما يظهر التأثير الكبير الذي تمارسه حاليا على دول ال cedeao هذا فضلا على العقيدة الأمنية والاستراتيجية الفرنسية التي شهدت تحولا منذ بداية العام 2008 والتي أصبحت موجهة أكثر فأكثر نحو منطق التدخل العسكري الخارجي والدليل على ذلك ما قامت به فرنسا في كوت ديفوار وليبيا. وحول آفاق الوضع شمال مالي وإلى أين تذهب الأمور في ظل التجاذب الفرنسي الأمريكي يلفت مخلوف أن الحل السياسي والسلمي هو الأمثل للمنطقة برمتها لأن التدخل العسكري اثبت في أكثر من موضع في العالم عدم جدواه ونجاعته وأحسن الأمثلة على ذلك كما يقول ما حدث في الصومال والعراق وليبيا وأفغانسان وهي أمثلة تؤكد أن التدخل العسكري لم يكن يوما إيجابيا ولم يقم يوما على منطق البناء بل كان منطقه الخراب والدمار دوما.