ماذا يعني أن نتلو آيات كريمة تنهى عن الاتصاف بصفات قبيحة؛ لكننا نمضي في تعيير هذا، وإطلاق لقب على ذاك؟! وليتنا أطلقنا ألقابا طيبة ترفع من قيمة الإنسان الذي يتمتع بحصانة قد ضمنها له ديننا الحنيف، بل هي ألقاب قبيحة تُطلق والمرء يسبُّ، وتُسمَع، فيملأ الضحك مجلس الخاسرين، مع علمهم بخطئهم، وبُعدهم عن المنهج السليم؛ يقول الشاعر: أكنيه حين أناديه لأكرمَه ولا ألقِّبه والسَّوءة اللَّقبُ وما لنا نسمع أحاديث شريفة تنهى عن التقاطع، لكن البعض مايزال يقاطع؟! يقاطع أخا، أو أختا، أو قريبا، فلا يصل، ولا يتصل، بل ويتنصل من دوره الإنساني الاجتماعي في تطبيق علم مأثور، وعمل مأجور! يقول الدكتور طارق الحبيب: "يحفظ البعض مقولات دينية، ويرددها دون فهم روح الدين، فتكون وبالا عليه". حقا، نحن بحاجة إلى فهم عميق جدا لسمو هذا الدين، وألا نجعل حظنا منه كلاما نقرؤه، ونردده دون أن نجعله سلوكا! يمدح كثيرون آخرين رأوهم يلتزمون بقيم جميلة، ولا يبادرون للالتزام بها وتطبيقها! أحيانا تتغلب العادة والثقافة الموروثة على العلم الصحيح، ويدير الهوى السيئ والرغبة التي يتحكم بها المزاج دفة النفس البشرية، فتأتي التصرفات مخالفة تماما لِما ينبغي للمرء أن يفعله؛ يقول شاعرنا: واللهِ ما أزرى بأمتنا إلا ازدواج ما له حدُّ مسكين ذلك الطفل الذي أقبل على الحياة، وإذا به يرى أسرة من حوله متناقضة. يدرس شيئا، ويرى في الواقع شيئا آخر! تحاول المدرسة أن تبني الطفل، وتجهد الجامعة من أجل بناء الشاب، لكنهم جميعا يعيشون في جو متناقض داخل الأسرة، وفي المجتمع. مما يعني أننا بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من برامجنا وخططنا في بناء الإنسان البناء الصحيح الأمثل، والكل مطالب بهذا! كان إمام مسجدنا جزاه الله خيرا في رمضان يقرأ درسا كل يوم بعد العصر عن الصوم، والصلاة، والتراويح، والزكاة، لكنه لم يحرص على انتقاء الجديد من الكتب مما يحتاجه الناس اليوم، ومن أهمها: الدعوة إلى التمسك بأخلاقيات هذا الدين من احترام، وأمانة، وصدق، وتسامح، ووفاء، وحب! يقف واعظ بعد صلاة عصر يوم الجمعة ليعظ، فإذا به يعيد نفس الكلام الذي سمعه المصلون في خطبة الجمعة، يتكلم عن أهمية الصلاة ومكانتها، والبعض قد حضرها ب: "مجول" البيت، أو قميص النوم، أو ملابس الرياضة بعبارات ورسومات في الصدر والظهر، وساق مكشوفة، وتقليعة شعر منكوشة! أنا أخص العلماء والخطباء والأئمة والواعظين بالحديث؛ لأنهم أكثر الفئات تواصلا مع عامة الناس وخاصتهم، ومجتمعنا يتأثر بهم كثيرا؛ لأننا ولله الحمد مسلمون، ونعيش في بلد هو قبلة المسلمين، نحب الدين وأهل الإيمان.. نقدر كل متمسك به، ونجله، ونجلس للاستماع له. وهذا يجعل مهمتهم مهمة عظيمة في رفع مستوى الوعي لدى الناس، وبيان أخلاقيات الإسلام، وقيمه، وضرورة التمسك بها اعتقادا وسلوكا، والتفاعل، والتواصل مع الناس من خلال كل وسيلة متاحة لهم. المجتمع تغير كثيرا، والناس اليوم مقبلون على كل جديد، ومخاطبة الناس تحتاج إلى تجديد، مخاطبة تقرأ الواقع جيدا، تعرف ما يحتاجه الناس، فتلبي تطلعاتهم، وتشفي صدورهم.