في عصر أخذت الفنَ موجة التقليد الغربية، والشكشكية، والسطحية الساذجة، والغرائزية التي تخضع دوما لذائقة السوق الشعبية الموغلة في الابتذال والإسفاف، والإسقاطات المشبعة بتدني الذائقة، وراء تجار وأرباح هز الوسط وتجريد المقام!. إن الفن الأصيل لا يحتاج إلى كثير من البهرجة الإعلامية، والإيقاعات الصارخة، والفلاشات الكاذبة، وأدوات التجميل والمستحضرات التجميلية لوجه الفن القبيح المصطنع، لا يحتاج الفن الأصيل إلا للقليل من التأثير؛ كي يصل إلى القلوب والعقول الصافية من دنس الأطباق الطائرة، والمحطات الفضائية التي أقحمت الفراغ شغلا بعقلية مراهق فقط، وما هي إلا عودة لمكتبة الأخبار، وهي التي تحمل إرثا فنيا كبيرا كانت ومازالت عاجزة عن تقديمه كصفحة للماضي الجميل المؤسس الذي احترم مشاهديه، وهو يقدم الفن كرسالة راقية.. وحين نفتش فوق الرفوف، وبين الأتربة سنجد الوتر والسمر بين الأزقة والحارات، وتصدعات الذاكرة المتخمة بصوت جميل محمود في جلسة عود جميلة، نرى فيها الفن واقعا بنجومه الفنانين والممثلين، بعيدا يربأ بفكره وفنه عن تغريدات التويتر المتوترة، والفيسبوك، والبلاك بيري، والواتس آب، التي عصفت بالذوق العام تحت مظلة التجديد والبعد عن القديم، وإن كان هو الأصيل الأصيل، والأصالة القائمة، والأساس القويم، والتاريخ الذي يخرج الكلمة كوردة الحب، واللحن كآلة موسيقية نادرة، والصوت كالبلبل الشجي، حيث ينقلنا نحو الطرب الأصيل "اللفظ، والمعنى".. تماما كالمدارس الكبرى التي يمثلها عملاقا الفن العربي عامة والسعودي خاصة: محمد عبده، وطلال مداح. لنجد من يحاول التشكيك، وذر الرماد في العيون، وإطلاق مسميات رعناء على شاكلة "غبار الأمس، وزمن الديناصورات، وزمان يا فن"... إلخ، وهي في حقيقتها.. محاولات يائسة لطمس التاريخ الفني، والمشهد الذي افتقدناه، وافتقرنا إليه.. الصورة الأولى الحاضنة، والحاضرة لتنوع الموروث الفني، مما انعكس ثراء وطنيا عظيما تجتمع كلها لتقدم الوطن في لوحة حضارية زاهية. فمتى ندرك أن طربنا أصيل وبريء من هذه الخزعبلات، والترهات، والهاشتاق، والطق.. طاق.. طاق.. طاقية؟!