كبير بالعمر فقد قارب التسعين عاماً، وأكبر من عمره إنتاجه الأدبي والفكري، هو قامة ورمز وأحد رواد الأدب والإعلام والفكر السعودي، ومدرسة في ذلك ولا يزال يسبق اسم حمد الجاسر ب"شيخي"؛ وفاءً ورداً لجميل الرواد، فكان له نصيب من "الوفاء" وقدم للتكريم بأغلى وسام في الوطن، وفي أقوى منبر وأشهر مهرجان في الوطن العربي "الجنادرية" في موسمها ال29، بعد اختياره الشخصية الثقافية المكرمة وتم تقليده "وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى" من يد سمو ولي العهد. سعد البواردي لم يبحث عن "الشهادة" بقدر ما بحث عن المعرفة والعلم، ولم يطلب الصدارة بغير "الأدب والفكر"، رغم أنه ابن أمير شقراء وأحد شعرائها "عبدالرحمن البواردي"، ومع ذلك لا يجد حرجاً في أن يُعرف نفسه بأنه لا يحمل إلا ثلاث شهادات هي: شهادة الميلاد، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وشهادة المرحلة الابتدائية. الأديب البواردي في العقد التاسع من عمره وصدر له 25 كتاباً، وضعفا العدد تنتظر النشر، وأسس وشارك في تأسيس صحف ومجلات ولا يزال يقول عن نفسه: "أنا مجرد طالب مبتدئ في مدرسة الحياة، بقدر ما أعرف ازداد معرفةً بجهلي فيما لا أعرف". ولد سعد البواردي في مدينة شقراء عام 1348، وكان أبوه يتولى إمارة شقراء، ودرس الابتدائي فيها ثم التحق بعد بدار التوحيد في الطائف. ولم تكن حياته دائمة النعيم، ولم يكن هو يحب الركود، فتقلبت به ظروف الحياة وتحمل مسؤوليات أكبر من عمره فكان المعيل بعد وفاة والده، واضطر إلى العمل في عدة مهن والانتقال إلى عدة مدن، فكان بائع بطيخ وموظفاً في محل لبيع قطع غيار السيارات في مدينة الخبر، ثم دخل ميدان "الإعلام" من نافذة الصدفة، فأسس عام 1375 أول مجلة واختار لها اسم "الإشعاع" فكان لها وبها كل شيء "المالك ورئيس التحرير والكاتب والمحرر"، وشاركته المجلة "المعاش" وكانت تقتطع من مرتبه البسيط أكثر من نصفه، ومع ذلك لم تستمر إلا 23 عدداً فتوقفت بعد عامين بسبب زيادة جرعة الجرأة وقسوة النقد، وبقيت "الإشعاع" ذكريات على بدايات الإعلام السعودي التي دونت على صفحاتها أقلام الكبار أمثال الأمير عبدالله الفيصل، ومحمد حسن عواد، وآخرين، ووصف البواردي مجلة الإشعاع بأنها لفظت أنفاسها حين عاندت فعانت من عنادها ما تستحق. وسيرة البواردي الإعلامية تواصلت فأشرف على إصدار مجلة المعرفة الفصلية التابعة لوزارة المعارف، وأسهم في مجموعة من الصحف والمجلات منها: صحيفة اليمامة، الجزيرة، اليوم، المسائية، قريش، الأضواء، الرائد، الفيصل، المعرفة الجديدة، المجلة العربية، الحرس الوطني، المنهل، أهلاً وسهلاً، ولم يتوقف عن كتابة الشعر والنقد والمقال فكانت له زوايا: من النافذة، الباب المفتوح، مع الناس، وغيرها الكثير، ولا يزال يواصل الكتابة في "استراحة داخل صومعة الفكر" التي جمعها في كتاب بعدة أجزاء. وتضم صفحات حياة الأديب والشاعر سعد البواردي انتقاله إلى العمل الحكومي موظفاً في وزارة المعارف ومشرفاً على إصدار "مجلة المعرفة"، ثم عمل مديراً لإدارة العلاقات العامة بوزارة المعارف، ثم تولى سكرتارية المجلس الأعلى للتعليم، وبعد ذلك عمل في وزارة التعليم العالي ملحقاً ثقافياً للشؤون الإعلامية في بيروت ثم القاهرة.