استعاد الناقد الدكتور سعيد السريحي سؤال محمد سرور الصبان الذي أطلقه قبل أكثر من نصف قرن في كتابه «المعرض» و طرحه على الأدباء مستفسرا عن رؤيتهم حول التجديد في الكتابة وفي اتباع المدارس الحديثة أو سلوك طريق العرب الأوائل. واصفا سؤال الصبان بالمؤرق، رغم أنه يبدو في ظاهره سؤالا أدبيا محضا وذلك لاتصاله بالهوية في عصر استشرف مثقفوه ما باتت تتعرض له الهوية من زحزحة عما استقرت عليه منذ قرون. جاء ذلك خلال ورقة "قراءة تفكيكية لجدلية المكان والزمان وعلاقتهما بالإنسان المبدع" التي ألقاها بالمنتدى الثقافي بفرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة أخيرا حول الإنسان المبدع وجدلية الزمان والمكان. السريحي قال في ورقته: إن الإسلام لم يقطع الهوية الإنسانية، مستشهدا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وأوغل في تفكيك مفهوم الهوية الذي يختلف حسب سياقاته الثقافية، مشددا على وجود هوية ثابتة في ظل تقاطعات الزمان والمكان، ومعللا ذلك بأن الإنسان كائن متأثر ومؤثر، وحول قلق الهوية، أبان السريحي أن هذا القلق جزء من حركة «الزمنكانية» لم ينج منها حتى الغرب الذي يغير نظرياته وأنماط حياته. وذهب إلى أن مشكلة الهوية لا تتوقف عند هذا الأمر، إذ ليست جوهرا ثابتا لا يتغير كما يروج لذلك بعض المرتابين من التغيير، كما أنها ليست كذلك جوهرا قابلا للإضافة والحذف كما يقول بذلك أنصار التغيير. كما دعا السريحي إلى التسامح والتعددية بين أفراد المجتمع كونهما من أهم عوامل الانفتاح والنمو الصحي للمجتمعات، ومن أعمدة حركة الوعي والتنوير، فالتعدد يسمح بقبول الآخر ويفتح نوافذه لكل التناقضات والمعارضات والأضداد مما يسهم في تلاحم طبقات المجتمع وتماسكه. وحول خفوت ملف الحداثة قال السريحي: سبب الهدوء هو أن ملف الحداثة والسريحي وبعض الأسماء لم تعد مغرية للنقاش أو حتى مجادلتها مباشرة من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تتضمن مسألة أمنية بعد أن انكشفت أوراق كثيرين من المتشددين الذين اتضحت ولاءاتهم الخارجية وارتباطهم الفكري والروحي بتنظيمات محظورة، فآثروا ألا يظهروا في الصورة، وألا يثيروا مزيدا من اللغط.