تحفظ الناقد الدكتور سعيد السريحي على مقدم أمسيته، البارحة الأولى، في جمعية الثقافة والفنون حين وصف جامعة أم القرى بالجامعة البارة به، وقال السريحي لا يمكنني وصف الجامعة بالبر أو العقوق كونها التي درست بها ولها كثير الفضل في تأسيس وتراكم معارفي. ونفى السريحي في ورقته «جدلية الزمان والمكان» وجود هوية ثابتة في ظل تقاطعات الزمان والمكان، كون الإنسان كائنا متأثرا ومؤثرا، لافتا إلى أن قلق الهوية جزء من حركة الزمان والمكان لم ينج منها حتى الغرب الذي يمسي على نظرية ويصبح ينقضها ليؤسس عوضا عنها نظريات أجد. وأبدى السريحي دهشته ممن يرون الهوية كينونة منغلقة ممن يصفون عصر ما قبل الإسلام بالجاهلي والصورة النمطية عن هذا المجتمع لا تعدو عبادة الأصنام، وامتدح السريحي التعددية بوصفها روافد تدعم حركة الوعي والنمو المجتمعي، إذ أن التعدد بكل ما يحمل من تناقض وأضداد ومعارضات وتدافع يساعد على الانفتاح على الآخر واستيعاب الواقع بكل متغيراته والمستقبل بمفاجآته، مؤكدا أن التعدد صفة بشرية تسمح بالخروج من دائرة الأحادية التي تنمط الإنسان بالعلم أو الجهل أو الإسلام أو الكفر أو الصالح أو الفاسد مغفلة أنه لا صلاح مطلقا ولا فساد مطلقا. ورأى السريحي أن الحديث عن جدل الزمان والمكان في تكوين شخصية الإنسان بشكل عام والمبدع - باعتباره معبرا عن هذا الجدل - يمكن رده إلى غياب النظرة التأسيسية لمفهوم الشخصية في إطارها الفردي وما يمكن أن يشكله ذلك من مفهوم للمجتمع في مجمله، وكذلك غياب النظرة التأسيسية لمفهوم الهوية وما يمكن أن تتسم به من سمات وما تتعرض له من مؤثرات وتغييرات، وذهب إلى أن مشكلة الهوية لا تتوقف عند هذا الأمر، فهي ليست جوهرا ثابتا لا ينبغي له أن يتأثر أو يمسه تغيير كما يحاول بعض المرتابين من التغيير أن يؤكدوا كما أنها ليست كذلك جوهرا قابلا لأن تتم الإضافة إليه والحذف منه كما يسعى بعض المتحمسين للتغيير.