"بالرغم من دروس الاحتمالات والنسبية التي يدرسها لطلابه في الرياضيات، إلا أنه لا يجيد تطبيقها في حياته الأسرية، ويفرض علينا كلمتي: "الكل"، و"الجميع" بدل "أنت"، و"البعض"، فسطوة "التعميم" للطالح على حساب الصالح أصبحت منهجا له، فعندما يقصر ابن في واجباته المدرسية يخاطب الجميع قائلا.. أنتم فاشلون، ولا تصلحون لشيء، جميعكم متهاونون". هذا ما قالته أم خالد، واصفة زوجها الذي يؤمن بتعبير "السيئة تعم"، فإذا أخطأ أحدهم فالجميع لديه مخطئون. الطالبة الجامعية هلا العنزي، تقول "كنت دائما متفوقة في كل عمل أقوم به، حتى أعمال المنزل التي تسندها لي والدتي، أتقنها جيدا، وأقوم بها في حينها دونما أي تهاون، ولكن ما يزعجني أن والدتي قسّمت بالتناوب أعمال المنزل بيني وبين شقيقتي هاجر، فعندما يحين دور أختي في التنظيف تتهاون فيه، مما يثير غضب أمي، فتبدأ برمي الكلام القاسي علينا جميعا، وتعمم الحكم، فنصبح نحن الاثنتين كسولتين". وأضافت "كنت أتمنى لو خصت أمي شقيقتي هاجر بعبارات اللوم، حتى تصلح من شأنها وتتقن عملها، ولكن عبارة "أنتما فاشلتان في أعمال المنزل"، التي تطلقها تجرحني وتسيء إلي دون ذنب". وتنتقد خلود الشمري طالبة في المرحلة الثانوية أسلوب التعميم الذي تتبعه بعض المعلمات في مدرستها، وتقول "في بعض الأحيان يؤخذ الكل بذنب البعض، وقد نتعرض لعقاب جماعي من قبل المعلمة عندما تغضب من إحدى الطالبات". "سطوة التعميم قد تلقي بآثارها السلبية على الفرد والمجتمع"، بهذه العبارة بدأت أخصائية علم الاجتماع مطيعة الغامدي، حديثها، مشيرة إلى أن التعميم صفة مذمومة، تشكل خطرا على ثقافة وُرقي المجتمعات. وأضافت: "من الأخطاء التي قد يقع فيها البعض، المسارعة في تعميم السلبيات التي قد يقع فيها الأفراد على المجتمع بأكمله، غير عابئين بما قد تسببه تلك الأحكام الجاهزة منهم من آثار سلبية على الكفء والمجتهد". تقول الغامدي "البعض يصدر الأحكام بالجملة، فبدلا من أن نحكم على موضوع ما أو شخص ما نتيجة هذا الفعل أو ذاك، نحكم على المجتمع ككل، مثلا لو تكررت بعض حوادث السرقة أو تعاطي المخدرات أو القتل أو غير ذلك من فرد أو مجموعة، نعممم السلبية على المجتمع بأكمله، وندعي أنه مجتمع مخدرات ومجرمين وسارقين، وهذا حكم تعميمي من الخطأ الشروع فيه". وعن الآثار النفسية المترتبة على ذلك، تقول أخصائية علم النفس هلالة سالم المعبهل: إن "تعميم الحكم خاصة في الأمور السلبية يصدر من أشخاص يتصفون بقلة الخبرة، وقصر النظر، لا يدركون حجم الأذى النفسي الذي يلحقونه بالآخرين".