انتهى معرض الكتاب الوحيد في السعودية المُقام في العاصمة الرياض. واللافت للنظر هو مصادرة عشرة آلاف نسخة بسبب اعتراض ناشطي احتساب نصبوا أنفسهم أوصياء على عقول الناس. هذا العدد الهائل جداً من الكتب المصادرة لا يُعقل أن تكون كلها مليئة بالمخالفات الشرعية القطعية بل هي لمجرد احترازات وتخرسات غير قطعية، مصدرها الظن وإن الظن لا يغني عن الحق شيئاً. إن النبرة القطعية في القضايا الشرعية الظنية تُولّد للأمة غلاة متطرفين تأخذهم الحميّة لآرائهم فيقاتلون عنها ظناً منهم أنهم على الحق ظاهرون. بيد أن أصحاب العلم الربانيين لم يكونوا متعصبين لآرائهم كما هو حال أنصاف "المتعيلمين" الآن. ولنا في عبارة الشافعي - رحمه الله - عبرة: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". تلك القاعدة الذهبية التي أضحت شعار كل عالم رباني. وللعلم فإن بعض الكتب التي تمت مصادرتها من قبل المحتسبين "غير الرسميين" ككتاب محمود درويش، هي موجودة في المكتبات السعودية منذ زمن ولم يتم التحفظ عليها مسبقاً إلا في معرض الكتاب، ويظهر الدافع لذلك أنه لغرض تسجيل موقف ضد المعرض نفسه، وكذلك البروز الشخصي لتك الشخصيات ليس إلا. والسؤال المطروح هنا ما هي معايير المصادرة التي يراها صديقنا المحتسب؟ إن كانت في المسائل القطعية فكلنا لا نرضى بذلك، بيد أننا نشك أن تكون كذلك، حيث إن المسائل القطعية قليلة جدا. وإن في المسائل الخلافية فكل كتب السلف مليئة بالمسائل الخلافية من الصحاح الستة إلى ما دونها، فهل نقوم بمصادرة كتب السلف لاحتوائها على بعض المسائل الخلافية! والمقترح المقدم هنا هو أن تقوم كل دور نشر برفع قائمة لكل الكتب المزمع عرضها في معرض الكتاب بفترة كافية وتسلم النُسخ إلى أولئك الجماعة المحتسبين ليقرؤوها كافة، كتاباً كتاباً حرفاً حرفاً، وسنخرج بالتالي إلى تنقية الكتب قبل وصولها للبلد، وكذلك فإن قراءتهم لتلك الكتب كفيلة بتغيير ما في العقول من لوثة.