"الأرصاد": أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي ال32 لأمراء المناطق    فيتش: تحسن محدود لمؤشرات البنوك    المملكة تدين قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية للأراضي السورية    السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (1-3)    آمال العرب معلقة في تصفيات أفريقيا المؤهلة للمونديال    الاتحاد يعبر القادسية الكويتي في نصف نهائي غرب آسيا لكرة السلة    الأخضر يرفع استعداداته لمواجهة الصين في تصفيات كأس العالم    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    "التعليم" تعلن القواعد التنظيمية لبرنامج فرص    الخوف من الكتب    " أكشن" أحمد العوضي في مسلسل فهد البطل يثير الجدل    «الملكية الفكرية» : ضبط 30 ألف موقع إلكتروني مخالف    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    المملكة تدين وتستنكر الهجوم الذي استهدف موكب رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية    مجلس الوزراء يستعرض مسارات دعم المشروعات التنموية والخدمية    نائب أمير منطقة جازان يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان المحلية لحفظ القرآن الكريم    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنفّذ حملة "صم بصحة"    التعنت الإسرائيلي    انطلاق أعمال الجلسة ال144 للجنة الأولمبية الدولية في أولمبيا    طويق بطلاً لبطولة جود الشمال لكرة القدم بالحدود الشمالية    نائب أمير منطقة جازان يكرّم الطلبة الفائزين بجائزة "منافس 2024م"    ديوانية غرفة تبوك الرمضانية بوابة لتعزيز الشراكات وترسيخ المسؤولية الاجتماعية    نائب أمير تبوك يطلع على التقارير السنوي لتنمية الموارد البشرية هدف    "خطاب الإنتماء" ندوة علمية في تعليم سراة عبيدة ضمن أجاويد3    المودة تحتفي باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية بتأهيل 6,470 أخصائيًا    جمعية البن بمنطقة عسير شريك استراتيجي في تعزيز زراعة الأرابيكا    وزير السياحة يتجول في معالم المدينة    منتخب "23" يواجه عمان في افتتاح "غرب آسيا"    رئيس الاتحادين الكويتي والآسيوي للألعاب المائية الشيخ خالد البدر الصباح: الألعاب المائية في آسيا أسرة واحدة    إطلاق الدورة الثانية لفرع هيئة الصحفيين بعسير وتوقيع شراكات استراتيجية    مبادرة "عون تقني" تقدم خدماتها لضيوف الرحمن    نائب أمير حائل يستقبل عددًا من أبناء مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام بالمنطقة    16 مصلى لكبار السن وذوي الإعاقة بالمسجد النبوي    التخصصات الصحية تعلن بدء التقديم على 3 برامج تدريبية    الفطر سلاح فعال ضد الإنفلونزا    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    مراكز متخصصة لتقييم أضرار مركبات تأجير السيارات    الإدارة العامة للأمن المجتمعي.. تعزيز الحماية وصون الكرامة    الكشخة النفسية    440 مبتعثا صحيا وكندا الوجهة المفضلة ب33 %    موسم ثالث للتنقيب الأثري بالليث    الذاكرة المستعارة في شارع الأعشى    النقد الأدبي الثقافي بين الثوابت المنهجية والأمانة الفكرية    11% انخفاض ضبطيات الدراجات المخالفة    هدايا الخير لمرضى ألزهايمر    3 جهات للإشراف على وجبات الإفطار بالمدينة المنورة    منصات وزارة الداخلية تُكثّف توعية قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال شهر رمضان    مدارس نهج العالمية تطلق مبادرة "نهجنا لمستقبل مشرق" في أجاويد 3 بعسير    "أخضر الشاطئية" يكثف تحضيراته للمشاركة في كأس آسيا    إقبال على دورات الإنعاش القلبي    تبقى الصحة أولى من الصيام    محافظ الطوال يشارك في الإفطار الرمضاني الجماعي للمحافظة    مستشفى خميس مشيط العام يُنفّذ فعالية "الشهر العالمي للتغذية"    العلم الذي لا يُنَكّس    مات اللواءُ علي ولم تمُت مآثره    وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية يتفقّد قوات الأفواج بمنطقة نجران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يصبح الظني قطعياً!
نشر في الحياة يوم 05 - 04 - 2012

حين نقول إن الشريعة فيها القطعي المحكم والظني المتشابه فلا بد أن يكون لذلك أثرٌ في الواقع، من حيث العمل، ومن حيث منهج التعامل مع المخالف، وإلا لكان هذا التقسيم شكلياً لا ثمرة له.
غير أن من يرصد واقعنا لا يرى أثراً ملموساً لهذا التقسيم، فكثير من مسائل الظنيات جعلنا لها حكم القطعيات من حيث طريقة تعاملنا مع من يخالفنا فيها، الأمر لم يصل للتكفير قطعاً؛ لكنه تعامل لا يعطي مساحة للآخرين أن يقبلوا باجتهادات غيرنا من العلماء، ماذا يجدي أن نقر بأن المسألة من مسائل الظنيات ثم نمارس هذه المصادرة أن يقول الآخرون غير ما نقول، وأن يدينوا الله سبحانه بغير ما ندينه به!
إنه لا ينفع حجةً هنا أن تقول: إن قول المخالف في هذه المسألة الظنية الفرعية باطل الحجة، ضعيف الدليل، لا يقوى على معارضة الدليل الذي انتصرتُ به لقولي. هذا لا يسوغ لك مصادرة خلافه لك؛ لأن دليلك إنما هو قوي الحجة في نظرك أنت، لا في نظر مخالفك، وإذا كنت تراه كذلك فليس بالضرورة أن يراه غيرك كما رأيته حجةً ودليلاً، فهوِّن عليك، ولن تكون أغير من الله تعالى على دينه، الذي لو شاء لجعل لهذه المسألة الظنية التي تمتحن أنت بها تديّنَ الناس دليلاً قطعياً محكماً يرفع الخلاف كأدلة محكمات الشريعة وأصولها.
إن من حقك شرعاً أن تعتقد في المسائل الخلافية أن القول الراجح أو الصحيح هو هذا القول من دون سواه، وقد سبقك إلى هذا الشافعي في عبارته الشهيرة: «قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب». بل يوجب عليك هذا أيضاً أن تعمل بما تدين الله به وتلتزمه سلوكاً، لا أحد ينازعك في هذا الحق.
أعلم أنك ستورد على ما تقدم اعتراضاً فيه صبغة المنهج الشرعي في مسائل الخلاف لتقول: إننا متعبدون لله بالدليل، فنحن أمة الدليل لا أمة التعصب والتقليد، وإن النصوص الشرعية متظافرة في الأمر باتباع الدليل، ونبذ التقليد فيما قام الدليل على خلافه، حتى ولو كان المقلَّدُ عالماً في شريعة الله، ويكفي في ذم ذلك قول الله تعالى: «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيحَ ابن مريم..الآية» وأن ذلك لم يكن بعبادتهم إياهم وإنما باتباعهم وتقليدهم في إباحة ما حرم الله وتحريم ما احل الله. كل هذا حق لا مرية فيه؛ ولكن هل اتباع الدليل يعني بالضرورة اتباع ما رجّحته أنت من مسائل الخلاف؟! إن هذا المنطق مزلق خطير حتى عليك أنت ، فقد تقلب عليك الصورة ويقال عنك: إنك تركت الدليل إلى التعصب لشيخك، أو مذهبك!
لماذا لا ترى قوة الدليل إلا ما كان في دلالته التشديد، وأن كل دليل يحمل الرخصة على عباد الله فهو متهمٌ ضعيف الدلالة، وذريعة للتلاعب بدين الله! وهذا إن صح فإنما يصح في تتبع الأقوال الشاذة التي رفضت الأمة متابعة القائلين بها فظلت شذوذاً يتندر به. وكم من قول شاذٍ أثير في هذه السنوات الأخيرة فلم تجد لها رواجاً، وظلت مما يتندر به الناس.
إنما كلامنا هنا في مسائل خلافيه لم يبلغ أن يقال في قول من الأقوال فيها: انه شاذ لا يُتابع عليه.
من أهم ما يجب أن نتفق عليه أن اتباع الدليل واجب كل مسلم، ولا يسع أحداً ظهرت له قوة الدليل أن يذهب إلى خلافه، بل فرضه اتباعه، فليس لأحدٍ أن يختار قولاً من الأقوال المختلفة تشهياً وتتبعاً للرخصة؛ لأن اختياره لم يكن عن تعبّد بالدليل، وإنما بالتشهي ومتابعة الهوى. فمن هذا منهجه ينكر عليه ويكشف له مدخل الهوى فيه؛ ولكن السؤال الذي يتعين طرحه هنا: هل كل من خالفك هذا منهجه؟! وهل يمكن حمل الأمة في عصر الخلف على قولٍ واحدٍ في مسألة أُثِر عن السلف والصحابة فيها خلاف ؟!
تذكَّرْ حين تعرض عليك المسائل الظنية الفرعية أن للآخرين أن يقولوا فيها بغير قولك، وأن يروا فيها خلاف رأيك، ما دام لهم مستمسك من دليل معتبر قائمٍ على قاعدة منهج الاستدلال. وإذا كان أدلة الشريعة قد وسعت هذه الوجوه من الاستدلالات فليسعها صدرك، ولتعتذر لمخالفك، وليكن معقد الولاء بينك وبينه الثابت بمحكمات الشريعة ومقاصدها أقوى من أن تحل وشائجه خلافات في مسائل فرعية ظنية اجتهادية.
* أكاديمي في الشريعة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.