بات مصير لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان الهولندي فان جوخ مجهولاً بعدما كشف عن سرقتها صباح أول من أمس من متحف مصري تقبع فيه منذ سنوات طويلة فيما تعد السرقة الثانية التي تتعرض لها اللوحة من نفس المتحف. وفي حين حاول البعض تقدير قيمة اللوحة المادية بأكثر من 50 مليون دولار فإن متخصصين أكدوا أنها تنتمي إلى تلك الإبداعات التي لا تقدر بثمن في التراث العالمي، حيث يعتقد أن فان جوخ (1853¬ 1890) رسمها عام 1887 قبل 3 سنوات من مقتله بطلق ناري. وصدر بيان رسمي في وقت متأخر من مساء أول من أمس يؤكد القبض على اللص واستعادة اللوحة، إلا أن وزير الثقافة المصري فاروق حسني قال بعد أقل من ساعة من صدور البيان إن المعلومات التي أفادت باستعادة اللوحة "غير دقيقة ولم تتأكد من الجهات المختصة" - على حد تعبيره. وشهد مساء أول من أمس صدور 4 بيانات رسمية أصدرتها وزارة الثقافة المصرية في أقل من 5 ساعات حول مصير اللوحة التي كان متحف محمد محمود خليل يضمها إلى جانب عدد من اللوحات الأخرى تعد "زهرة الخشخاش" أبرزها، فيما يثير كثيرون الشكوك حول إمكانية إيجادها، ويلقي كثيرون المسؤولية على الحكومة المصرية فيما يخص عمليات تأمين المتاحف. وتم الكشف عن سرقة اللوحة من خلال بيان رسمي وزعه مكتب وزير الثقافة في الساعة الرابعة عصراً وقال إنه تم اكتشاف سرقتها صباح السبت أثناء فترة الزيارة الرسمية. وأصدر وزير الثقافة المصري قراراً عاجلاً بإجراء تحقيق إداري مع كل المسؤولين بالمتحف وقيادات قطاع الفنون التشكيلية حول سرقة اللوحة قبل أن يحيل الجميع إلى النيابة الإدارية لتحديد المسؤولية مع إبلاغ المسؤولين عن المنافذ الجوية والبحرية والبرية لعدم تهريب اللوحة إلى الخارج. وفي الثامنة من مساء أول من أمس أصدر فاروق حسني بياناً ثانياً ضم قراراً بوقف الزيارة إلى متحف محمد محمود خليل لحين انتهاء التحقيقات، كما قرر تشكيل لجنة فنية للتفتيش ومراجعة منظومة الأمن الداخلي للمتحف بشكل عام. وبعدها بساعة واحدة وفي التاسعة مساء أعلن حسني في بيان رسمي ثالث أن أجهزة الأمن المصرية تمكنت من استعادة اللوحة بعدما أحبطت محاولة لتهريبها من مطار القاهرة بحوزة شاب إيطالي. وقال رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري محسن شعلان في البيان إن عدد زوار متحف محمد محمود خليل منذ صباح أول من أمس وحتى اكتشاف حادثة السرقة لم يتجاوز 11 فرداً من جنسيات مختلفة وكان الشاب الإيطالي الذي ضبطت معه اللوحة من بين الزائرين وبصحبته فتاة إيطالية غادرا المتحف قبل اكتشاف السرقة بينما باقي الزائرين كانوا من الإسبان وتم تفتيشهم قبل خروجهم من المتحف عقب اكتشاف السرقة. ولم يكد المهتمون بالأمر يتنفسون الصعداء حتى فوجئوا ببيان رسمي رابع في الحادية عشرة من مساء السبت يكذب البيان الذي سبقه ويؤكد أن المعلومات الواردة به عن استعادة اللوحة غير دقيقة وغير مؤكدة. وقال وزير الثقافة المصري في البيان الأخير إن المعلومات التي ذكرت عن استعادة لوحة "زهرة الخشخاش" وردت إليه من رئيس قطاع الفنون التشكيلية محسن شعلان في اتصال هاتفي أكد فيه استعادة اللوحة. وأضاف: "إلا أنه اتضح أن هذه المعلومات غير دقيقة ولم تتأكد من الجهات المختصة حيث ما زالت الإجراءات مستمرة لمعرفة ملابسات الحادث لاستعادة اللوحة المسروقة". وكانت اللوحة نفسها قد تعرضت لعملية سرقة غامضة عام 1978 على يد لص يدعى حسن العسال، ثم أعيدت بعدها بقليل إلى المتحف بطريقة أكثر غموضاً وهو ما جعل البعض يردد أن الغرض من السرقة كان نسخ اللوحة، وأن الموجودة في المتحف "المسروقة" هي النسخة المقلدة بينما اللوحة الأصلية هُربت إلى الخارج. وأثيرت حول "زهرة الخشخاش" ضجة كبيرة عام 1988 حين أعلن الكاتب المصري الراحل يوسف إدريس في صحيفة "الأهرام" الرسمية أن اللوحة الموجودة بالمتحف نسخة مزيفة وأن الأصلية بيعت في إحدى أكبر صالات المزادات بلندن بمبلغ 43 مليون دولار. وفي الأعوام الثلاثة الأخيرة تعرضت لوحتان للتشكيلي المصري حامد ندا للسرقة من دار الأوبرا المصرية بالقاهرة قبل إعادتهما عن طريق مدير أتيلييه جدة بالسعودية وبعدها سرقت 9 لوحات أثرية من قصر محمد علي في شبرا الخيمة (شمال القاهرة) قبل أن يعثر عليها بعد 10 أيام.