لونت أزهار الربيع صحارى الجوف التي اكتست بألوان مختلفة ما بين بنفسج الخزامى وبياض الأقحوان وأصفر البابونج حتى تحولت إلى لوحة جاذبة تسر الناظرين. كما عطرت أجواء الجوف التي تخيم عليها رائحة الخزامى بشكل كامل نظراً للمساحات الشاسعة التي نبتت فيها. وأسهمت هذه الألوان في إنعاش النزهة البرية بالمنطقة، فلم تعد إجازة نهاية الأسبوع تكفي للاستمتاع بهذه الأجواء حتى أصبح الأهالي يقصدونها يومياً بعد نهاية أعمالهم ظهراً. وتختلف الوجهات حسب ألوان الزهور، فمنهم من يقصد شرق الجوف بحثاً عن الخزامى وروائح العطر التي كست النفود من خوعاء وحتى عذفاء، وبعضهم يتحرك شمال الجوف بحثاً عن الخضرة والعشب المختلف هناك، اللذين كسيا المنطقة البرية ما بين الجوف والحدود الشمالية، وآخرون يقصدون مسافات بعيدة بحثاً عن "الكمأة" ومتعة البحث عن الفقع. وأوضح مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالجوف حسين الخليفة، أن صحارى وبراري الجوف تحولت إلى قرى صغيرة يسكنها آلاف المتنزهين عبر مخيمات مختلفة نصبوها هناك للاستمتاع بهذه الأجواء، مبينا أن بعضها يصل إلى عشرات الخيام في موقع واحد ما بين مخيمات للجلوس وأخرى للنوم وثالثة للطبخ، حيث يقضي المتنزهون أوقاتا طويلة في هذه الأجواء التي غابت كثيراً عن منطقة الجوف، والتي تشهد هذا العام ربيعا مختلفا عن الأعوام السابقة، أنعش النزهة البرية وجذب آلاف المتنزهين للجوف. وقال الخليفة إن المتنزهين يعتمدون على أنفسهم في إعداد هذه الرحلات من طبخ الوجبات وجمع الحطب وتجهيز القهوة والشاي، حيث يجدون في ذلك متعة "المكشات". وأضاف أن السياحة الصحراوية تتسم بالهدوء والراحة لبعدها عن صخب المدينة ولنقاء الأجواء فيها، وأن محلات البر والمكشات غيرت من شكل هذه الرحلات، حيث وفرت الوسائل المختلفة للمتنزهين من مخيمات واحتياجات. وأشار إلى أن رحلات الكشاتين بالجوف رفع من أسهمها انتشار الطرق المعبدة، التي أصبحت توصلهم لمسافات بعيدة كانوا يرهقون في سنوات ماضية حتى يصلون إليها، وتبدأ الرحلة بنصب الخيام وتجهيز المقر وترتيب الجلسات حولها، ثم تشتعل النار ويلتف حولها السهارى، يضعون أباريق الشاي ودلال القهوة، وينتظرون قهوة وشاي "الحطب"، الذي لا تحلو لهم سهرة المكشات إلا به، ثم يتوزع أفراد المجموعة بين من يحضّر الخضار وآخر يعد اللحوم، وثالث يجهز الغاز، ورابع يعد الأواني، في حين يتعاون الجميع لتجهيز "الكبسة" تحت إشراف شخص واحد. وأهاب الخليفة بالمتنزهين الحفاظ على مواقعهم التي يقصدونها، لافتاً إلى أن الهيئة فعلت ذلك من خلال برنامجها "لا تترك أثرا".