فيما يطوي جثمان "لمى" يومه ال30 في غياهب الجب، تلاشت الأصوات من فوقها، باستثناء أصوات المعدات الثقيلة، وغابت "فلاشات" الصحفيين التي ازدحمت طوال الأيام الماضية بحثا عن رفاتها الصغير. ابتعاد الصحفيين تزامن مع وصول شركة "أرامكو" للموقع، والتي منعت الاقتراب، بذريعة إجراءات السلامة، فيما شاركتها المهمة شركة معادن، التي وصلت ل"وداي لمى" يوم الخميس الماضي. نشر الحقائق وفي الوقت الذي يتناقل البعض الحديث عن منع الصحفيين من تغطية الحدث، نفى المتحدث الرسمي للدفاع المدني بتبوك العقيد ممدوح العنزي ذلك، مؤكداً ترحيبهم بالصحفيين لنقل المعلومة الصحيحة التي تقضي على الشائعات، مستدركاً بأن شركة أرامكو لديها إجراءات خاصة بالسلامة، تحتم عدم الاقتراب من المواقع التي تشكل خطورة فقط، وحاولت "الوطن" التواصل مع مسؤولي "أرامكو" العاملين في الموقع، إلا أنهم اعتذروا عن الرد. وأشار العنزي إلى أن الدفاع المدني يحرص على مواكبة الحدث بنشر المعلومات أولاً بأول، لافتاً إلى أن ردهم على الشائعات التي أطلقها البعض يكون عبر نشر الحقائق، مثلما حدث مؤخراً مع نتائج تحليل الDNA. توكيل محام من جانبه، كشف والد "لمى" عايض الروقي عن تكليفه لأحد المحامين بمنطقة مكةالمكرمة لمقاضاة مروجي الشائعات، مشيراً إلى أنهم وثقوا كل الأكاذيب التي أطلقوها، وقال "كانت صدمة كبيرة لنا تلك الأكاذيب التي أطلقها البعض والتي تدل على غياب شعورهم الإنساني والديني". وحول دفن البئر، أكد الروقي بأنهم متمسكون بمطلبهم الأساسي بإخراج الجثة ليتمكن ووالدتها من تكفينها والصلاة عليها ودفنها في مقابر المسلمين، وقال: "عرضوا علي دفن البئر وجاؤوا بفتوى حول ذلك إلا أنني طلبت انتشال جثمان ابنتي لغسلها وتكفينها ودفنها في مقابر المسلمين وهذا من أبسط حقوقي". وكان العقيد العنزي قد أكد ل"الوطن"، أن أعمال الانتشال ستستمر حتى إنجاز المهمة، لافتاً إلى أنهم يحترمون رغبة ذوي الفقيدة في استخراج جثمانها، فيما انتشل مدني تبوك الاثنين الماضي، أجزاء من جثة الطفلة، وأخذ عينات من والديها لفحص الحمض النووي والتأكد من الأشلاء، حيث أثبتت التحاليل أمس بأنها تعود إليها. 1800 بئر ب "الشمالية" من جهة أخرى، كشفت المديرية العامة للمياه بالحدود الشمالية على لسان مدير إدارة العلاقات العامة فيها أحمد العنزي، عن حصر نحو 1800 بئر مكشوفة بالمنطقة، أغلبها يدوية تاريخية، تعرف ب"القلبان"، لافتة إلى أنه يجري تشكيل لجنة في المنطقة لتحديد المملوكة والتاريخية وتبعيتها، ليتم وضع الوسائل المناسبة لإغلاقها أو تسويرها. وعلى الرغم من صدور تراخيص حفر الآبار بالمنطقة الشمالية من المديرية العامة للمياه، سواء المستفيد منها جهات حكومية أو مواطنون مزارعون، إلا أن العنزي برأ في تصريح إلى "الوطن"، ساحة المديرية من مسؤوليتها عن الآبار الواقعة بأراض زراعية مملوكة لمواطنين، إضافة إلى الآبار الخاصة بمشاريع إدارة النقل والمواصلات بالمنطقة. ويرى متابعون أن هناك آبارا حفرها بعض المزارعين في مزارعهم، للحصول على قروض، وجلب معدات زراعية خاصة بها، ومن ثم بيع هذه المعدات مما نتج عن ذلك آبار مكشوفة أو مغطاة بطريقة غير صحيحة. المياه "محصورة" وتعليقا على ما تم رصده، قال العنزي "إن المديرية العامة للمياه بالمنطقة ليست مسؤولة عن الآبار الواقعة ضمن أملاك خاصة"، مشيرا إلى أن مسؤولية إدارته تنحصر فقط في متابعة الآبار الموجودة بالأراضي الحكومية من خلال لجان التعديات، مضيفاً أن إدارته لا تستطيع أيضاً التصرف بالآبار الواقعة في الملكيات الخاصة، إلا عبر اللجان المختصة في حال الإبلاغ عنها، وتبقى المسؤولية عنها على المالك. وأبان العنزي أن الآبار الواقعة ضمن أراض مملوكة لمواطنين لا تُحفر إلا بموجب ترخيص من الوزارة، ويتم ردم غير المرخص منها على حساب صاحب الملك، مع تطبيق الغرامة عليه وعلى المقاول الذي قام بحفر البئر. وفيما يتعلق بتحديد مسؤولية آبار مشاريع النقل والمواصلات وآبار المزارعين بالمنطقة، أشار العنزي إلى أن الآبار الخاصة بمشاريع تنفيذ الطرق بالمنطقة تقع تحت مسؤولية وزارة النقل حتى يتم تسليمها رسميا لوزارة المياه، التي تحدد على ضوء ذلك؛ إما الاستفادة منها أو إغلاقها، مضيفاً أن إدارته "لم تواجه أي مخاطر من آبار مشاريع إدارة النقل والموصلات حتى تاريخه". وعن اشتراطات السلامة في الآبار الموقتة الخاصة بمشاريع النقل، أوضح العنزي أن اشتراطات السلامة مدرجة ضمن رخصة الحفر، وتتضمن إغلاق فتحة البئر عند الانتهاء من إنشائها تحت إشراف الوزارة أو ممثليها من المكاتب الاستشارية. ردم آبار الجوف من جهتها، شرعت آليات الدفاع المدني في منطقة الجوف في ردم كافة الآبار التي تشكل خطرا على سكان وأهالي المنطقة، وتتعاون إدارة الدفاع المدني مع أمانة المنطقة، في عملية ردم الآبار المكشوفة، وخاصة تلك التي تقع في الأحياء السكنية. وطبقا لخطة المعالجة التي اعتمدها الطرفان، فإن أعداد الآبار المستهدفة من خلال هذا الإجراء تبلغ 31 بئرا، تم التعامل مع 11 منها تقع داخل المزارع القديمة في سكاكا، وتعود أعمارها إلى مئات السنين، فيما تم ردم 6 آبار ارتوازية ذات أعماق مختلفة، ويعمل الدفاع المدني إلى جانب الأمانة، على ردم 15 بئرا متبقية في قائمة الانتظار يتم التعامل معها تباعا. ويتوقع متابعون أن يزيد عدد الآبار القديمة المكشوفة في المزارع المهجورة في مدينة سكاكا وحدها على 80 بئرا، حفرت قبل مئات السنين، وهجرها أصحابها بعد التطور في جلب المياه الذي شهدته المنطقة من مياه العيون الفوارة ومشاريع المياه، حيث تشكل هذه الآبار هاجسا للكثير من الأهالي والجهات المختصة.