د. محمد حامد البحيري يدرك الجميع أن لكل جامعة وظائف رئيسة هي: التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، لكن ما لا يلحظه إلا القلة من قادة العمل التنموي والمجتمعي أن جامعاتنا برغم تزايد عددها مؤخرا ونشاطها الملموس في الجانب العلمي، إلا أنها لا زالت بعيدة عن المستوى المأمول منها في الجانب البحثي المرتبط بالتنمية، وغيابها عن برامج الشراكة المجتمعية المخطط لها من أجل تنمية مستدامة للمجتمع، لا مبرر له. قلة من الجامعات السعودية من تعنى بجانب الشراكة مع المجتمع أو تسعى لتأسيس عهد متميز من الدور التنموي لمؤسسات التعليم العالي في المجتمع.. ولعل ما قامت به جامعة الملك خالد في أبها من حراك بارز في هذا الاتجاه مما يشكر لهذه الجامعة الرائدة، واستضافة الجامعة مؤخرا لملتقى الشراكة المجتمعية الأول بالجامعة، إسهام متميز حظي بإعجاب كل المهتمين ببرامج التنمية المجتمعية والمسؤولية الاجتماعية. لقد جاءت جلسات هذا الملتقى -الذي شرف برعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي أمير منطقة عسير- زاخرة بالتجارب الناجحة في مجال تفعيل الشراكة مع المجتمع والإسهام في تنميته، وتنوعت المشاركات بين مشاركات قطاعات حكومية وخاصة، وأخرى قدمتها مؤسسات القطاع غير الربحي. لقد أثبتت تلك الجلسات بوضوح أن دور المواطن في هذا البلد المعطاء تحول بوضوح من المنتظر للتنمية إلى الشريك والعامل لها.. وهو الدور الذي هدف هذا الملتقى إلى تعزيزه وتأكيده وعرض التجارب الناجحة فيه.. وما كادت جلسات هذا الملتقى تنطلق حتى جاءت مبادرة مجتمعية أخرى لجامعة الملك خالد، إذ تم الإعلان عن عزم الجامعة إطلاق جائزة جامعة الملك خالد للشراكة المجتمعية لتفتح بذلك باب التنافس بين قطاعات المجتمع -حكومية وخاصة وخيرية- من أجل خدمة المجتمع والإسهام بفاعلية في البناء والعطاء لمجتمع يستحق الكثير. وختاما، فإن التنمية التي نتطلع إليها جميعاً، تجاوزت مرحلة المبادرات الفردية، والاجتهادات الآنية. إنها تنمية تقوم على تخطيط متقن، قائم على رؤية الخبير وبصيرة العالم، ونشاط العامل.. وما لم تتحرك الجامعات لتقوم بدروها التنموي في مجتمعها فسنبقى رهن اجتهادات قائمة على التخمين والاجتهادات، تصيب مرة وتخطئ مرات، وهو ما كلفنا الكثير من الوقت والجهد والمال.