الإعجاب بالمشاهير ظاهرة طبيعية، ولكن هذا الإعجاب يتحول أحيانا من مجرد تعليق صورهم على جدران الغرفة، ومحاولة الحصول على توقيع على "أوتوجراف"، إلى مطاردات سخيفة وأحيانا ملاحقات مخيفة، قد تنتهي بالسجن. ومن جانب المعجب، يتحول الإعجاب أحيانا إلى كره.. وربما إلى محاولات بالإيذاء، وفي أحيان قليلة إلى "القتل"، كما حدث مع المذيعة بقناة "إم بي سي" غادة العلي ، التي حاول أحد المعجبين قتلها بحجة أنها لم ترد على رسائله على "تويتر"، ويدق هذا الحادث جرس الإنذار، لضرورة التنبه لمثل هذه الأفعال التي تطورت بشكل كبير بما يهدد السلم الاجتماعي، ويعرض الناس سواء كانوا مشاهير أو معجبين للخطر. والهوس بالفنانين قضية قديمة جديدة، ولكن مع سهولة التواصل في عصر الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، برزت الظاهرة إلى العلن. وبدأت هذه الظاهرة في العالم العربي في الخمسينات، حيث تعرض الفنانون عبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش، ورشدي أباظة، وعماد حمدي، وصباح، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة، لمواقف طريفة من أجل الحصول على صورة تذكارية تجمع المعجب بالفنان الذي يحبه، أو الحصول على توقيع من النجم على أوتوجراف. في الستينات تعرضت الفنانة الراحلة سعاد حسني، لمطاردات من أحد الأشخاص طالباً الزواج منها، وعندما زادت مضايقاته، استدعت الشرطة التي تكفلت بحمايتها، وأوقفت المعجب المتهور. وفي الستينات أيضا تلقى الفنان رشدي أباظة، اتصالات هاتفية من فتاة تهدده بالقتل، فاضطر على إثرها إلى إبلاغ الشرطة التي وضعت حماية خاصة عليه، وراقبته لفترة، ولم تعثر على الفتاة التي تهدده. وتحظى الفنانة ليلى علوي بالرقم القياسي في أعداد المجانين، الذين طاردوها، وفي كل مرة كانت المشكلة تنتهي بالشرح والإيضاح والإهمال، ولكنها انتهت أخيرا في قسم الشرطة، عندما فوجئت برجل يطرق بيتها عند منتصف الليل، وعندما فتحت الباب وسألته عن اسمه، أجابها بأنه زوج المستقبل، وخيرها إما أن توافق على الزواج به، أو يحطم باب الشقة ويخطفها، وعندما أبلغت الشرطة تبين أن المعجب المجنون محاسب ومدير لحضانة أطفال. حسين فهمي أيضا أخذ نصيبه من مجانين الفن، ومن أطرف المواقف التي تعرض لها منذ سنوات، عندما تقدمت إحدى السيدات بشكوى ضده في قسم الشرطة، وادّعت أنه كان زوجها، وأنه قام بالاعتداء عليها، وضربها، وعندما حققت الشرطة في الأمر اكتشفت أن ادعاءات السيدة كاذبة، وأنها فعلت كل ذلك لتحظى بمحادثة النجم المشهور. وينتهي الإعجاب بالفنانين أحيانا نهايات مأساوية، فيجد المعجب نفسه فجأة وراء القضبان، وهو ما حدث مع أحد المعجبين بالفنانة لطيفة، الذي حكم عليه بالسجن لمدة عام بتهمة التهديد، وكذلك مواطن مصري عوقب بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب إعجابه بالفنانة اللبنانية باسكال مشعلاني. وعادة ما يجد الفنانون أنفسهم وسط مضايقات فعلية من معجبين يصل بهم الهوس إلى حد المضايقات التي تقلق الراحة، والبعض يلتزم الصمت حتى لا يخسر جمهوره، والبعض الآخر يتخذ من المعجب وسيلة دعائية له، وفي بعض الأحيان يختلق بعض النجوم قصصاً لا أساس لها من الصحة، لتسليط الأضواء عليهم. وفي كل الحالات تبقى قضية المعجبين المهووسين من القضايا التي تؤرق الفنانين، وتدفعهم إلى إقامة سدود عازلة بينهم وبين الجمهور، تقيهم شر الإعجاب الذي يتحول إلى هوس.