يبدو أن ثمن النجومية باهظ، ومكلف، فأولئك «النجوم» الذين يظهرون على الشاشتين الصغيرة والكبيرة، ويتمتعون بشهرة واسعة، يصعب عليهم الظهور في شكل علني من دون التعرض لمضايقات. وهذه المضايقات، مهما بلغت جرأتها، لا تتجاوز حد طلب أحد المعجبين التقاط صورة مع نجمه المفضل، أو التوقيع على «أوتوغراف»، أو مصافحة ودردشة عابرة تبقى في الذاكرة. قد يكون ذلك أمراً عادياً، إن لم نقل مغرياً، بالنسبة الينا نحن الذين لم نذق طعم النجومية، غير ان «النجم» له رأيه الآخر وقد يصل في تطرفه، أحياناً، إلى حد توجيه صفعة لمجرد أن أحد المعجبين أو المعجبات طلب التقاط صورة مع «صاحب المقام الرفيع». جرى ذلك في مهرجان ترايبكا الدوحة السينمائي الأخير، عندما وجه النجم المصري، بل العالمي، عمر الشريف صفعة إلى مراسلة فضائية «الحرة» عندما ألحت الأخيرة على التقاط صورة معه، وراح «دكتور جيفاغو» (أحد اشهر أدوار الشريف) يوبخها على سلوكها، وعلى مدى هذا الاعجاب الذي تكنه «فتاة مرحة» لفنانها الذي ظهر في أدوار لا تنسى من «صراع في الوادي» إلى «لورانس العرب» وصولاً الى فيلميه الأخيرين «حسن ومرقص» و «المسافر». لم تتعرض المراسلة التلفزيونية للصد فحسب، بل تلقت صفعة غاضبة، وما لبثت أن قدمت هي الاعتذار ل «المواطن مصري» الذي قبل، عندئذ، الرضوخ لرغبة المراسلة! خبر من هذا النوع كان من الطبيعي أن ينتشر كالنار في هشيم مواقع الإنترنت وبعض الفضائيات، يتبعه فيض من التعليقات. وهو خبر يطرح إشكالية علاقة الفنان بمجتمعه ومحيطه، تلك الإشكالية التي باتت مستعصية إثر انتشار الفضائيات على هذا النحو الكثيف، إذ استطاعت أن تلمع صور فنانين من الدرجة العاشرة لتجعل منهم «أباطرة» في المهرجانات والمناسبات الفنية. طبعاً ليس المقصود، هنا، عمر الشريف الذي تعود نجوميته، أساساً، الى عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين؛ أي قبل انتشار البث الفضائي، مع الإشارة الى أن ذلك لا يبرر موقفه. ستكون الدعوة بديهية، إذا قلنا إن على الفنان أن يكون متواضعاً؛ ودوداً طالما أن الفن الذي يمثله يدعو، وهذا أيضاً بديهي، إلى قيم الجمال والعدل والتسامح والحرية. لكن السؤال: هل جميع الفنانين يملكون تلك الروح النزقة؛ المتعالية؟ بالطبع لا، وكم كان جواب أحد فناني الدراما التلفزيونية مؤثّراً، ونبيهاً حينما سألته إحدى المعجبات التقاط صورة معه، إذ رد بلطف: وأنا أسألك، بدوري، هل تسمحين لي بالتقاط صورة معك؟ على الفنان، إذاً، أن يكون هادئاً لدى تعرضه لبعض المضايقة، ثمن النجومية، وعليه ألا يشوه صورة القيم النبيلة التي تروج لها الدراما والسينما في أعين المشاهدين؛ وهؤلاء، في النهاية، هم الذين جعلوه «نجماً متألقاً» على الشاشات، فلماذا يترفع عن رد بعض الجميل لهم؟ ورد الجميل، وللمفارقة، لا يتجاوز حد الاستجابة لمحبتهم!