مثل اكتشاف مدينة "الطوينة" الأثرية في شاطئ العقير التاريخي-شرق الأحساء-، إشارة لأهلية الشاطئ من قبل الأقوام السالفة، التي استوطنت المنطقة قبل قرون عديدة، فهي تجاور الخليج العربي مباشرة، وعلى تلال مرتفعة، ودلت أعمال التنقيب التي بدأت بين عامي1413ه و1422ه، هناك -شمال غرب "برج أبو زهمول" الأثري، ورأس الفريق في حينه الدكتور علي المغنم-، على وجود هذا الأثر الثمين، وحفظت الهيئة العامة للسياحة والآثار الموقع، وحصنته. وكيل الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة الدكتور علي غبان أوضح ل"الوطن": أن التنقيب شمل أعمال مسح ميداني للتلال الأثرية المحاذية للساحل شمال مبنى الخان"الطوينة"، والمحيطة ببرج أبو زهمول، والواقعة شمال منطقة أبو زهمول بطول واحد كم، وعرض"500"م، وكان الهدف منها دراسة طبيعة العقير الأثرية، وأهميته ك"ميناء" ، ودراسة طبوغرافيتها، والكثبان الرملية، وتوثيق المباني. وأكد غبان أن أعمال التنقيب في موقع "الطوينة" كشفت عن مبنى وحدة سكنية تضم عدداً من الغرف، إضافة إلى اكتشاف مرحلتين معماريتين مختلفتين بينهما حقبة زمنية فاصلة، تعرض خلالها المبنى لأعمال حرق وتخريب ودمار ونزوح، وكانت مادة البناء الرئيسة هي فروش البحر، وهي حجارة جيرية كلسية تحتوي على قواقع بحرية وبها مسام كثيرة، وهي حجارة قوية وشديدة الصلابة، وتوجد فراغات بها مما يمكن "مونة الجص" من التداخل فيها وتتماسك بشدة بها، فيصبح البناء قوياً جداً، وخاصة في ظل استخدام "المونة". وعلى مسافة ليست ببعيدة يقع برج أبو زهمول في الناحية الشرقية من "الطوينة"، وهو من أهم المواقع الأثرية في شاطئ العقير، فقد بني سنة 1280ه، ويعرف باسم برج الراكة، لوجود شجرة آراك ضخمة بالقرب منه، وهو مبنى اسطواني الشكل، يبلغ ارتفاعه10أمتار، بني على تل مرتفع عمَّا حوله. وقريبا من العقير استأنف الفريق السعودي الألماني (البعثة الألمانية) عمليات التنقيب والمسح الطوبوغرافي في منطقة الدوسرية الواقعة جنوب مدينة الجبيل، استمراراً لعمل متواصل في المنطقة منذ نحو ثلاثة أعوام. وبيّن مدير مكتب الآثار في المنطقة الشرقية عبدالحميد الحشاش أن الفريق يعد حالياً دراسة طوبوغرافية عن المنطقة، تهدف لمعرفة الطبقات المحيطة بالموقع من الظواهر الطبيعية ومحيط الموقع الأثري، وهي استكمال لما عثر عليه من مقتنيات أثرية وتاريخية. وأشار إلى أن فريق العمل (السعودي – الألماني) عثر خلال فترة التنقيب قبل نحو ثلاثة أعوام، على قطع فخارية في موقع الدوسرية، وأصداف بحرية تاريخية تعتبر محفزاً لمواصلة البحث تحت الرمال، فموقع الدوسرية غني بالآثار، فالمنطقة الشرقية تصنف على أساس أنها منطقة أثرية تعاقبت عليها الحضارات. ولفت إلى أن آثار الاستيطان البشري في المنطقة الشرقية أكثر وضوحاً منها في أي جزء من المملكة، والسبب في ذلك يرجع إلى عدة عوامل أهمها الموقع الجغرافي، بالإضافة إلى إشرافها على جزء كبير من ساحل الخليج العربي، الأمر الذي جعلها تقدم دوراً هاماً في الاتصالات البشرية التجارية بين شعوب تلك الحضارات منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، وقد بينت المسوحات الأثرية التي أجريت حتى الآن أن هناك أكثر من 300 موقع أثري في المنطقة تمثل فترات مختلفة يتراوح تاريخها من العصور الحجرية حتى العصور الإسلامية، وهناك العديد من المعالم التاريخية التي تعود إلى فترات إسلامية متأخرة وتبرز التطور الحضاري وتعد مثالاً لتطور العمارة التقليدية للمنطقة.