استبعد خبراء نفطيون أن يؤثر الاتفاق الإيراني الغربي حول برنامج طهران النووي على إنتاج أو صادرات المملكة النفطية وكذلك على أسعار الخام في الأسواق العالمية، مشيرين في حديثهم إلى "الوطن" إلى أن إيران تحتاج إلى عدة سنوات للعودة بإنتاجها النفطي إلى سابق عهدها قبل فرض الحظر. وأكد الخبير النفطي ونائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة في تصريح إلى "الوطن" أن الإعلان عن الاتفاق المرحلي بين إيران والدول الست حول تجميد إيران برنامجها النووي العسكري لمدة ستة أشهر ورفع العقوبات تدريجياً لن يؤثر على إنتاج وأسعار النفط في المملكة. وقال ابن جمعة :"لاحظنا قبل أكثر من ثلاثة أيام بعد إعلان الاتفاق تأثيراً طفيفاً تمثل في تراجع أسعار خام غرب تكساس إضافة إلى انخفاض الأسعار الآجلة لمزيج برنت، وما لبثت أن عادت الأسعار مره أخرى، مما يدل على أن الاتفاق غامض وغير واضح ولن تظهر نتائجة الاقتصادية قصيرة المدى حتى ال6 أشهر المقبلة". وأضاف أن صادرات إيران النفطية انخضت إلى ما يقارب 750 ألف برميل من 2.2 مليون برميل في اليوم خلال 2011، مشيرا إلى أنه "تحت فرضية أن الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية خفضت الحظر على صادرات إيران النفطية فإن ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً من أجل أن تعود إلى إنتاجها السابق، كما قد تستغرق بعض السنوات حتى تعود مرة أخرى لصادراتها الطبيعية. وأوضح أن هناك عوامل أخرى اقتصادية تتمثل في التضخم المرتفع في إيران الذي تجاوز 20%، وعامل البطالة والتآكل الاقتصادي الداخلي مما تنتج عنه ضغوط إضافية اقتصادية على إيران والذي حتى لو خفض الحظر عنها فلن يكون لإيران تأثير في الأسواق العالمية النفطية حتى العام القادم. وبين ابن جمعة أن المملكة لها استراتيجيتها في صادراتها والتي تعتمد أولاً على الاستهلاك المحلي للنفط والذي ينخفض في أوقات معينة في كل عام ويصل إلى الذروة صيفاً. ولفت إلى أن الفترة الحالية تشهد تراجعا في الاستهلاك من النفط، لذا فإن المملكة تراعي وتنظر إلى موازنة الأسواق العالمية، فعندما يكون هناك فائض في السوق العالمي وله تأثير على أسعار النفط تعمل على تعديل إنتاجها للمحافظة على استقرار الأسعار، وكذلك في حالة ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ فالمملكة لديها الطاقة الإنتاجية التي تصل إلى 12.5 مليون برميل يومياً تستطيع أن تعوض من خلالها أي نقص في إمدادات الأسواق العالمية. وأضاف "أيضاً علينا أن نعرف أن إنتاج المملكة في الوقت الحاضر يتجاوز 9.5 ملايين برميل يومياً كما أن المملكة لديها سياسة اقتصادية نفطية مرنة تتجاوب من خلالها مع عوامل السوق والطلب العالمي. من جهته قال نائب رئيس أرامكو السابق لشوؤن الحفر والتنقيب المهندس عثمان الخويطر في تصريح إلى "الوطن" إن من المتوقع أن يكون هناك اتفاق قريب بين إيران والدول الغربية، بسبب تدهور الاقتصاد الإيراني نتيجة للحصار المفروض عليها.. ومن الطبيعي أن يعقب أي اتفاق ولو كان مبدئيا انفراج في الأزمة الإيرانية، يبدأ بالاستعداد من قِبَل إيران لإعادة تشغيل مرافق النفط التي تعطلت بعد توقف التصدير. وعندما تكتمل المراحل الأولى من الاتفاق، ستبدأ إيران بضخ كميات محدودة من النفط. وتحتاج إلى بضع سنوات قبل أن تعود الأحوال إلى سابق عهدها، نظرًا لحاجة الصناعة النفطية فيها إلى الكثير من قطع الغيار والمعدات التي كان محظورا عليها الحصول عليها فترة الحصار الطويل". وأضاف "مع مرور الوقت، سيرتفع إنتاج إيران تدريجيا، ولا نتوقع أن يؤثر استئناف إيران لتصدير نفطها المتدرج على السوق النفطية بوجه عام ولا على السعودية بوجه خاص". وتابع: إنتاجنا اليوم يزيد ب 2 مليون برميل عن حاجتنا والتي تفي بجميع متطلبات حياتنا، فلن يضيرنا دخول إيران في أي وقت إلى حلبة التصدير، مشيراً إلى أن ثمة حقيقة ليست ظاهرة للجميع ؛ وهي أن الحقول المنتِجة في العالم تفقد بسبب النضوب الطبيعي سنويًّا ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين برميل. وأوضح أنه بصرف النظر عما سوف تضيفه إيران، فليس من المتوقع أن تتأثر سلبيًّا الأسعار النفطية. بل هي مرشحة للارتفاع وليس النزول، نظرا لنمو الطلب على مصادر الطاقة والغياب النسبي لمصادر الطاقة المتجددة. وأشار إلى أنه ليس هناك شك في أن الحكومة الإيرانية، إذا توصلت إلى اتفاق كامل مع الدول التي تناوئ سياستها النووية، فتسعى إلى استجذاب الشركات العالمية المتخصصة لمساعدتها ماليا وفنيا في تطوير صناعتها النفطية، وهي من مصلحة الطرفين. وقال: نتوقع منافسة قوية بين مختلف الشركات الغربية والشرقية في محاولة الحصول على عقود جديدة مع إيران. ولن تكون إيران بحاجة إلى بذل مجهود كبير من أجل جذب الشركات المستثمرة، لأن الأطراف الأخرى ستواجه منافسة شرسة ربما تجبرها على إبداء نوع من التنازل والمرونة لصالح إيران. إلإ أن الخويطر عاد ليؤكد أنه من المستبعَد أن تكون إيران في وضع يسمح لها برفع إنتاجها فوق المستوى الذي كانت عليه قبل سريان المقاطعة، خلال السنوات القليلة المقبلة، ولذلك فلن يكون لإنتاج إيران تأثير ذو قيمة على إنتاج السعودية.