مبتعث للدكتوراه إنه من دواعي السرور الإقبال المتزايد من شباب وطننا على إكمال مشوارهم الدراسي لنيل الشهادات الأكاديمية العليا، رغم حجم العقبات الحائلة دون حصول بعضهم على ما يطمحون إليه. وإن أكثرهم معاناةً أولئك المرتبطون بالعمل الحكومي، ومما شكل حجر عثرة مستقبلية في طريقهم القصور–البيّن- في وعي وفهم - بعضهم- للمتطلبات المستقبلية التي تضعها الجامعات أثناء تقدم صاحب الشهادات العليا للحصول على وظيفة أكاديمية، وقد تكون العثرة الأخرى عدم مبالاة بعضهم بمتطلبات المستقبل. فمن المشاهدات التي باتت مكررة في واقعنا الأكاديمي؛ تغليب جانب فكرة الالتحاق بالدراسات العليا في أي تخصص كان، بلا ميول، وبلا رغبة ذاتية، ناهيك عن إغفال الجانب -الكبير- في مراعاة متطلبات سوق العمل! فمثلاً يتقدم أحد الحاصلين على البكالوريوس في تخصص إنساني، ولنفترض في اللغة العربية وآدابها مثلاً، لدراسة الماجستير في تخصص تربوي "تقنيات التعليم، أو علم النفس الإرشادي" مثلاً، ثم يكمل الدكتوراه في تخصص إنساني ثالث مختلف عن التخصصين السابقين "كالإدارة العامة، أو في الإعلام" مثلاً، وهلم جرا. وبعدما يتم زفافه بالحصول على الدكتوراه تتكشف له أخطاؤه الفادحة التي تغافل عنها سالفاً، فيصطدم بشرط "وحدة التخصص" الذي تفرضه الجامعات. وبالمناسبة هناك من يعلل النفس بالآمال متغنياً بأن اختلاف التخصص في المراحل الدراسية يعد ميزةً لدى بعض جامعات الدول الأخرى! متناسياً أن لكل دولة هيبتها في أنظمتها، وربما هذه الجامعات الأخرى تستبعد قبوله لسبب لم يعمل به في جامعات وطنه، حتى أنه تناسى أن بحر العلم متاح للجميع، فبإمكان الباحث الجاد إعداد مختلف البحوث في مجالات شتى، ومن ثَمَّ نشرها في المجلات المحكمة، وبهذا لن يضيع للباحث جهد، وحق، وبهذا يكون الباحث قد جمع بين الحسنيين: إيفاؤه بشرط وحدة التخصص، وإشباع رغبته العلمية من "المثلوثة الأكاديمية" بل حصوله على رصيد ثقافي في أكثر من ثلاثة، أو خمسة علوم مختلفة. وقبل الختام تجدر الإشارة إلى أن من حق الحاصل على شهادات في "المثلوثة الأكاديمية" التغني بإنجازه، وجهده؛ وبالضرورة يجب أن يعي أن لا حقَّ له في التظلم لرفض قبوله عضواً أكاديمياً في جامعات اعتمدت "وحدة التخصص" شرطاً للقبول فيها.