فيما أعيد للمرة الثالثة على التوالي، انتخاب المملكة لعضوية مجلس حقوق الإنسان العالمي من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ولمدة 3 سنوات، أبلغت الرياض الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون أمس رسميا أنها قررت مع بالغ الأسف عدم شغل مقعدها الذي انتخبت له في مجلس الأمن الدولي لمدة سنتين تبدأ مع بداية العام القادم 2014. عدل ومساواة من جهته، رفع رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان باسمه ونيابة عن أعضاء مجلس الهيئة وكافة منسوبيها التهنئة لقيادة المملكة بهذا الأمر، وأوضح أن هذا الانتخاب هو شهادة حق تؤكد على ما تبذله المملكة من جهود في ترسيخ العدل والمساواة وحماية وتعزيز حقوق الإنسان على الصعيدين المحلي والدولي، كما يبرز ثبات مواقف المملكة تجاه قضايا حقوق الإنسان العادلة في العالم. رفع الظلم وأشار إلى ما تبذله المملكة من جهود حثيثة لرفع الظلم ووقف انتهاكات حقوق الإنسان خاصة في ظل الأحداث الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم وما يصاحبها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. انتقادات محدودة إلى ذلك، أكد المتحدث الرسمي لهيئة حقوق الإنسان الدكتور إبراهيم الشدي أن انتخاب المملكة لعضوية مجلس حقوق الإنسان يجيء تأكيداً على جهودها في مجالات حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن انتخابها يؤكد عدم دقة الانتقادات المحدودة التي وجهت إليها أثناء مناقشات الاستعراض الدولي، مقابل أكثر من 100 مداخلة أشادت أكثر من 90 منها بجهودها في مجال حقوق الإنسان سواء كان مجالات تشريعية أو مساهمات في مجالات مشاركة المرأة. وأوضح الدكتور الشدي ل"الوطن" أن انتقاد المملكة أثناء المداخلات لم يكن دقيقا، وأنه جاء من عدد محدود من الدول لا يتعدى أربع أو خمس دول، بينما تحدثت نحو 90 مداخلة من بين 100 لأكثر من 100 دولة عن إطراء للمملكة وما قامت به من جهود في مجال حقوق الإنسان سواء كان مجالات تشريعية أو مساهمات في مجالات مشاركة المرأة أو الكثير من الخطوات الإيجابية في مجال حقوق الإنسان، أو تلك الدعوات الدولية التي استقبلت بالترحاب من خادم الحرمين الشريفين في مجالات الحوار وتلاقي الثقافات. وأضاف أن كل هذه المجالات كانت محل إطراء من الكثير من الدول، ولكن مع الأسف الشديد التقطت بعض الصحف هنا في الداخل وبعض الصحف العالمية في الخارج المداخلات المتعلقة بانتقاد أربع أو خمس دول تعرضت بإجحاف لتقرير المملكة ونقلته هذه الصحف، مبيناً أن انتخاب المملكة بهذا العدد الكبير من الدول ومباشرة بعد أسبوعين من الاستعراض الدوري الشامل يؤكد مدى موقعها في الساحة الدولية وما يلاحظه ويتابعه العالم من تطورات إيجابية واهتمامات بمجالات حقوق الإنسان سواء ما يتم من تشريعات وتنظيمات وإجراءات تحفظ حقوق الإنسان داخل المملكة أو تلك المساهمات الإيجابية على المستوى الدولي لحقوق الإنسان. وتابع "انتخاب المملكة بهذا العدد الكبير ينفي ما ذكرته بعض الصحف التي لها اتساع كبير في النشر - لذلك كان لها صدى كبير -، ولكن الحقيقة يؤكدها الانتخاب الذي تم". "التصحيح شأن داخلي وعن علاقة الانتخاب بالحملة التصحيحية للعمالة المخالفة، أكد الدكتور الشدي أنه لا يعتقد أن موضوع انتخاب المملكة له علاقة بمبادرة المملكة لتصحيح وضع العمالة لأنه موضوع داخلي بالرغم من أن المملكة تلقت إطراء على هذه الحملة لأن فيه فرصة لمن قدم للمملكة مخالفا بإعطائه فسحة لتصحيح وضعه وإعادته لبلاده وإعفائه من بعض الغرامات التي تطبق عادة في مثل هذه المخالفات، وتابع "استمعنا إلى بعض مداخلات الإطراء من قبل بعض الدول أثناء مناقشات الاستعراض الدولي، ومع ذلك لا أعتقد أن هناك علاقة بين انتخاب المملكة لمجلس حقوق الإنسان والحملة التصحيحية". مكانة دولية من جهته، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني "إن نسبة التصويت التي نالتها المملكة في انتخابات مجلس حقوق الإنسان دليل واضح على المكانة الدولية الرفيعة التي تتبوؤها المملكة في المجتمع الدولي، وما تحظى به من سمعة مرموقة واحترام وتقدير من دول العالم، ولما حققته من إنجازات مهمة وتطور ملموس في مجال الاحترام والحفاظ على حقوق الإنسان". وأشاد بما حققته مسيرة التطوير والإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين من أجل ترسيخ مبادئ المساواة والعدل وضمان حقوق الإنسان التي كفلتها مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، وقال "إن إنشاء هيئة حقوق الإنسان في المملكة وإقرار العديد من القوانين والأنظمة في مجالات حقوق الإنسان يعكس اهتمام القيادة الرشيدة بتعزيز حقوق الإنسان وحفظ كرامته وتحقيق الاستقرار الاجتماعي". اعتزاز "التعاون" وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون عن اعتزاز دول وشعوب مجلس التعاون بالإنجازات المشرفة التي حققتها المملكة في مجال التنمية البشرية، وما بذلته حكومة خادم الحرمين الشريفين من جهود متواصلة لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من الخدمات الضرورية كالتعليم والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية، وضمان حقوق وكرامة المقيمين على أرض المملكة. رفض مقعد "الأمن" على صعيد آخر، أعلنت المملكة رسمياً أنها ترفض شغل مقعد في مجلس الأمن بالرغم من انتخابها لملء هذا المقعد، وبعث مندوب المملكة الدائم لدى منظمة الأممالمتحدة السفير عبدالله المعلمي رسالة إلى الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون يبلغه رسميا بأن المملكة قررت مع بالغ الأسف عدم شغل مقعدها الذي انتخبت له في مجلس الأمن الدولي لمدة سنتين تبدأ مع بداية العام المقبل 2014. وقال المعلمي إن المملكة ملتزمة بالتعاون مع الأممالمتحدة ومنظماتها المختلفة، ومصممة على العمل من أجل النهوض بالسلام والتنمية في العالم. وأرفق المعلمي مع الرسالة نسخة من بيان وزارة الخارجية الذي صدر عقب انتخاب المملكة لعضوية مجلس الأمن الذي شرحت فيه الوزارة الأسباب التي حدت بالمملكة إلى الاعتذار عن عضوية المجلس. وقال في رسالته "أود أن أحيطكم علما بأن حكومة المملكة قررت أن تعلمكم بأن المملكة آسفة أنها لن تكون في وضع يؤهلها للاضطلاع بمقعدها في مجلس الأمن الذي انتخبت له في 17 أكتوبر للفترة 2014 - 2015، وأن أسباب هذا القرار قد تم توضيحها في البيان المرفق الصادر عن وزارة الخارجية بتاريخ 18 أكتوبر". وأفاد السفير المعلمي بأن المملكة تؤكد التزامها بالأممالمتحدة ومنظماتها المختلفة وتعرب عن تقديرها لقيادة الأمين العام للأمم المتحدة القيمة للشؤون العالمية. إعادة ميثاق "الأمم" وأوضح عضو اللجنة الخارجية في مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل في تصريح إلى "الوطن" أن الرفض الرسمي للمملكة لانتخابها هو عبارة عن رسالة موجهة من دولة مؤسِسة لهيئة الأممالمتحدة، وتدعو إلى إعادة النظر في ميثاق الأممالمتحدة والذي كتب عام 1945 وإصلاح هذه المنظمة وخاصة إصلاح مجلس الأمن الدولي وهناك الكثير من العقبات التي جعلت هذه المنظمة لا تقوم بالدور المطلوب في استتباب الأمن والسلم على المستوى الدولي والإقليمي. إحياء لدعوات الإصلاح وأضاف فاضل "عجز مجلس الأمن في اتخاذ الإجراء الدولي والعادل أمام القضايا هو الذي أدى إلى عدم قبول المملكة لهذا المقعد"، مضيفاً أن هناك دعوات لإصلاح منظمة الأممالمتحدة والتي بدأت منذ عام 1945 حتى الآن، ودعوة المملكة للإصلاح سبقتها دعوات كثيرة على مدى ستة عقود سابقة والتي نادت بضرورة إعادة النظر في ميثاق الأممالمتحدة، ومعظم الدعوات نادت أيضاً بالإصلاح من حيث التكوين والتصويت فيه، وهناك أصوات نادت بإلغاء المقاعد الدائمة للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإلغاء حق النقض "الفيتو"، وهذه دعوات لم يستجب لها من قبل المجلس، ورفض المملكة للمقعد بمثابة إحياء لتلك الدعوات من جديد. وأشار فاضل إلى أن هناك دعوات دولية أخرى مؤيدة لذلك من حيث إعادة وإصلاح هذا المجلس، والنظر في ميثاقها بما تقتضيه الظروف الدولية المتجددة، إلا أن الرفض التام من قبل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن هو بسبب الامتياز الذي يعطيها هذا الميثاق وهي لا تريد التفريط في هذه الامتيازات، وتأتي هذه المقاومة من قبل الدول الدائمة العضوية أمام الدعوات المنادية بإصلاح هذا الميثاق. موقف حاسم وفي السياق ذاته كشف عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي في تصريح إلى "الوطن" أن هذا الرفض الرسمي أتى لتأكيد الموقف الذي أعلن سابقا، وحتى هذا الوقت قيل إن هناك ضغوطا على المملكة لتعود عن الرفض وتقبل بالمعقد إلا أن رسالة المملكة ورفضها الرسمي جاء ليؤكد أن موقف المملكة حاسم إيماناً منها بالأهداف التي رسمتها، وهو إعادة تطوير اتخاذ القرارات في مجلس الأمن، معتبرا أنها خطوة تأكيدية لموقف المملكة، والذي تم وفق أسس ومعايير محددة. وأشار الحارثي إلى أن هذه الخطوة من قبل المملكة أثارت مسألة إعادة النظر في دور مجلس الأمن، وهو رسالة للهيئة الأممية بدليل تأييد بعض الدول لموقف المملكة والاهتمام بقضايا المنطقة وأن يقوم مجلس الأمن بدوره الأساسي كما نص عليه ميثاق الأممالمتحدة. تغيير آلية القرار ومضى يقول "إن المملكة طرحت رؤية سابقة حول تطوير مجلس الأمن"، مضيفاً "أن (الفيتو) كان مجدياً في فترة سابقة، أما الآن فالأوضاع الإقليمية والدولية تغيرت، وهناك مطالب بتغيير آلية اتخاذ القرار"، كما أوضح عضو الشورى الدكتور الحارثي أن البراهين كثيرة على عدم قدرة مجلس الأمن على حل قضايا الشرق الأوسط وعدم قبول المملكة بشغل المقعد وهو أكبر دليل على ذلك سواء كان عجز المجلس عن حل القضية الفلسطينية أو التحيز الأميركي في مراحل متعددة والتواطؤ الروسي في الملف السوري. رسالة ب"امتياز" وأشار إلى أن مجلس الأمن تحول إلى مجرد مصالح ذاتية للقوى الكبرى بغض النظر عن المثل والمبادئ التي تدعيها الأممالمتحدة، واعتبر الدكتور الحارث أن رفض المملكة رسالة احتجاج على دور مجلس الأمن ودفعه لأن يعيد النظر في أدائه ودوره، وهي رسالة سعودية بامتياز، موضحاً أن الفترة الماضية وتأخر الإعلان عن الرفض الرسمي كانت لآليات معينة في مجلس الأمن، إضافة إلى الإجراءات الإدارية التابعة لذلك.