استهل المنتدى العربي السنوي للتطوير التربوي 2013، الذي أطلقته مؤسّسة الفكر العربي بالتعاون مع مشروع "عربي21"، أعماله بلقاء صحفي مع الفائزين ب"جائزة كتابي" ولائحة الشرف من كتّاب ورسّامين ودور نشر، ناقشوا فيه واقع النشر في الوطن العربي، خصوصاً كتب الأطفال، والصعوبات التي تواجه هذا القطاع، وضرورة تشجيع أدب الطفل العربي لتحفيز الأجيال على القراءة باللغة الأم والتحدث بها. وذلك بعد أن افتتحت وزيرة الثقافة الأردنية لانا مامكغ، في فندق إنتركونتيننتال- الأردن، أول من أمس المنتدى الذي رحبت فيه الأمينة العامة المساعدة في مؤسّسة الفكر العربي الدكتورة منيرة الناهض، باسم رئيس مجلس أمناء مؤسّسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل بالحضور والمشاركين في حفل إطلاق "حملة بالعربي"، وتكريم الفائزين ولائحة الشرف ب"جائزة كتابي" في دورتها الثانية، وإطلاق "دليل 1021" كتابا مصنّفا لأدب الطفل العربي. وأكدت الناهض أن مؤسّسةَ الفكرِ العربي، أخذت على عاتقها منذ نشأتها سنة 2001 وباهتمام خاص من مؤسّسها الأمير خالد الفيصل، مهمّة رئيسة نشترك مع آخرين في حملِها، وهي العمل على تطوير الثقافة العربية وما يلحقُ بذلك من تنمية للهويّة العربية وقيمِها الأصيلة. وحيث إن القراءة هي من أهمّ الأنشطة التي يقوم بها الإنسان لتنمية فكرِهِ واكتساب مفاهيم الثقافة والقيم الأخلاقية، لذا ركّزت المؤسسة في مشاريعِها التربويّة على جانبين هما: الإسهام في الدفاع عن اللغة الأم كلغة فكر وحياة وعلم، وتطوير أساليب التعليم والتعلّم، خصوصاً في مجال تدريس اللغة العربية. وأكّدت أن هناك توافقاً عالمياً، على أن أدب الطفل هو مِن أهمّ الموارد التربوية الداعمة لأنشطة القراءة، لذلك ركّزت المؤسّسة في مشروع "عربي 21" على محور بناء المكتبة الصفيّة المصنَّفة بحسب معايير علمية، تشمل القدرة القرائية عند الطفل ومحاور التعليم الأكثر انتشاراً في الوطن العربي، خصوصاً في المراحل المبكرة من التعليم، كما عكف المشروع لأكثر من سنتين، على تصنيف أكثر من ألف كتاب وجمعها لتخرجَ اليوم في أول دليل لأدب الأطفال المصنَّف. كذلك أسهمت المؤسّسة ومن خلال الشراكة مع دور نشر متعدِّدة في تطوير صناعة الكتاب التربوي في أدب الطفل العربي والتعريف بمعايير الجودة التي تزيدُ من دافعيةِ الأطفال نحو القراءة، وتجعل من الكتابِ الصديقَ المحبّبَ والمرجعَ المعرفيّ الأساسي لهم، ولعلّ الكتبَ الفائزةَ هذا العام، والتي شارك في تقيميها أطفال من كلّ من: المملكة الأردنية الهاشمية، وعُمان، ولبنان، ومصر، والمملكة العربية السعودية، هي المثل لهذا المستوى المطلوب في أدب الأطفال والناشئة. وتحدث مدير البرنامج الوطني للمحتوى الرقمي في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الدكتور منصور الغامدي عن مبادرة الملك عبدالله للمحتوى العربي التي تحتضنها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بهدف بناء مجتمع قائم على المعرفة وقادر على توفير بيئة خلّاقة مبدعة. وأشار إلى المشاريع التي تنفّذها المدينة بالشراكة مع جهات عدّة في العالم العربي نفخر بالعمل معها، بهدف إثراء المحتوى العربي وخدمة ناطقي العربية، ومنها مؤسّسة الفكر العربي المتمثّلة بمشروع "عربي 21"، الذي يعمل على إثراء محتوى يُناسب الطفل العربي وتشجيعه على القراءة باللغة العربية. وأشار الغامدي إلى أن المدينة احتفلت بمرور عام على إطلاق مجلة "نيتشر" العربية، التي أصبحت تصدر بلغة الضاد منذ سنة، وهي المجلة العلمية الأولى على مستوى العالم، وعمرها قرن ونصف، ويرصدُ محتواها علماء العالم وباحثوه، وهي مُتاحة للجميع مجاناً اليوم، مشيراً إلى أن الفرق بينها وبين النسخة الأصلية الإنجليزية، هو أسبوع واحد، إضافة إلى أن القارئ العربي يحصل عليها مجاناً، بينما يدفع القارئ بالإنجليزية قيمة المقالة. وأكد أن هذا المشروع هو واحد من عشرات المشاريع التي نعمل عليها لردم الفجوة المعرفية، إلّا أنه من المسلّم به أننا لا يمكن أن ننجز هذه المهمة وحدنا، وهي مسؤولية جميع الدول العربية ومؤسّساتها والناطقين بالعربية. وتحدث وزير التربية اللبناني الدكتور حسان دياب، فأكد على الحاجة إلى إعادة النظر في الحياة المدرسية، وفي تقانة التربية، التي تكتسب أهمية خاصة في عصر المعلوماتية، وضرورة توفير مقاربات عملية توفّر التواصل المباشر بين اللغة العربية وعالم اليوم. ودعا إلى عمل عربي مشترك، يتمثّل في تحديد الغايات والأهداف والكفايات الخاصة بتعليم وتعلّم اللغة العربية، ووضع إطار مرجعي موحّد على غرار الإطار المرجعي الأوروبي الموحّد للغات. كما دعا إلى ضرورة إعادة النظر في التدريب القائم في لبنان والدول العربية، لجهة تطوير التشريعات والأنظمة حول إلزامية التدريب، ووضع نظام حوافز يرتكز على تقييم الأداء والتطوير المهني، وإرساء آلية فاعلة لمواكبة المعلم وتوجيهه وتحديد احتياجاته التدريبية. وكانت الوزيرة لانا مامكغ قد ركزت في كلمتها على أهمية اللغة الأم كوسيلة لاكتساب الجاذبية والقبول، وكجزء مهمّ من مقوّمات الشخصية. ودعت إلى توجيه خطاب جديد للجيل الحالي، والتعامل مع الثقافة العربية بنفس التقنيات التي يستخدمها هذه الجيل بشكل دائم. وأكدت أن مناهج اللغة العربية تستدعي موادها من "المتحف"، بدليل دراسة مواد النحو والصرف، التي تُعتبر عناصر طاردة للطالب، في حين دخلت اللغات الأخرى مختبرات لغوية، وخرجت شفّافة ورشيقة وجذابة. ولفتت إلى أن الدراما العربية أظهرت أستاذ اللغة العربية بطريقة هزيلة أمام المتلقي، ولم تُسهم في إضفاء الجاذبية المطلوبة، في حين أسهم الإعلام العربي في تعزيز اللهجة العامية كلغة رسمية علماً بأنها ليست كذلك. وقدّمت العميدة المساعدة في كلية البحرين للمعلمين الدكتورة هنادا طه، مداخلة عرضت واقع اللغة العربية، وطرائق تعليمها الحديثة. كما قدّمت منسّقة مشروع "عربي 21" الخبيرة إيفا كوزما، عرضاً مفصّلاً حول دليل أدب الطفل و"جائزة كتابي".واختتم المنتدى أعمال اليوم الأول بتوزيع الجوائز على الفائزين ب"جائزة كتابي" ولائحة الشرف. ويستكمِل المنتدى أعماله اليوم وغداً بجلسات تخصّصية، وورش عمل في إطار المقهى العالمي تُناقش تجارب وأوراق علمية ورسائل تربوية ثقافية، تهدف إلى تعزيز اللغة العربية وتطويرها.