بعد أن كان الهاتف الثابت يعد ركناً أساسياً بالمنزل السعودي وضرورة لا بد من وجودها ، بل وأحياناً حلماً بأن يصبح للشخص في منزله هاتف خاص به ، بل إن المواطن كان عندما يقرر تغيير سكنه يسأل أولاً إذا ما كانت خطوط التليفون قد وصلت للحي الجديد أم لا، لكن كل ذلك أصبح من الماضي الآن بعد ظهور وانتشارالهواتف المحمولة فبات وجود الهاتف الثابت أشبه ما يكون بقطعة الديكور بعد أن توقف استخدامه الفعلي لدى بعض الأسر على خدمة الإنترنت فقط. ويقول المواطن محمد الفريدي : قبل 20 عاماً وفر صديق لي خدمة الهاتف حيث كان موظفاً بالهاتف عن طريق تمديد الخط ليلاً وبطول 3 كيلو مترات من أقرب موزع إلى منزلي ، وبين الفريدي أنهما استطاعا ربط أسلاك الهاتف بأعمدة الكهرباء وفوق أسطح المنازل، ونعم بالخدمة على نفس الرقم واستمر الوضع على هذا الحال لخمس سنوات. ويقول خالد تركستاني : قبل عقدين من الزمن من كان له علاقة بموظف يعمل في خدمة الهاتف كان يعرف رجلا مهما يستطيع خدمته ، في حين تغيرت في وقتنا الحاضر تلك الأهمية التي كان ينالها موظفو الهاتف فبمجرد اتصال يصل الهاتف الثابت وجميع خدماته الإضافية. ويشير تركستاني إلى أنه كان يسكن بالحرة الشرقية حيث كان من المستحيل أن تصل خدمة الهاتف الثابت لمنزله لعدم توفر أرقام أو شبكات للحي مما أرغمه على الانتظار أربع سنوات أو أكثر حتى وصل إليه الخط ، مشيراً إلى أنه أقام وقتها احتفالاً بذلك. ويقول المواطن أبو سعد دخل الهاتف إلى منزله قبل 17 عاماً وبعد سنوات من الانتظار حيث شعر حينها وكأنه رزق بمولود جديد وكان يضع الهاتف في مكان مرتفع عن الأطفال داخل بيت من القماش حفاظا عليه. و أشار عثمان فلاته إلى أن المواطنين كانوا يتجمعون أمام مكتب الاشتراكات بحي سلطانة وهناك يأخذون موعدا من الفني ليحضر لمشاهدة الموقع أولاً . وفي تلك الفترة كانت تنعدم كل سبل التقنية الحديثة من جوال وغيره ، حيث انتظرت الفني أكثر من خمس ساعات متواصلة بمدخل الحي ولا يحضر في الموعد الذي اتفقنا عليه . وأشار فلاته إلى أنه بعد أن راجع إدارة الهاتف آنذاك رد الموظف "عليك بالانتظار أو نسيان الهاتف" وانتظر خمسة أيام أخرى حتى حضر الفني وطلب المراجعة بعد ثلاث سنوات على الأقل لعدم توفر شبكة وخدمة للحي في الأصل. وبين أنه بعد أن وصلت الخدمة بعد سنتين تقريبا تلقى اتصالات عديدة من الأصدقاء والأقارب تهنئ بوصول الهاتف الثابت لمنزله مؤكداً أنه لا يستطيع وصف مشاعره و فرحته بسماع أول رنة اتصال من قبل فني التركيبات وتسلمه جهازا من قبله ذا لون أسود وبني. ويقول ناصر السلمي كنا في الماضي ننتظر لسنوات عديدة من أجل الحصول على الهاتف الثابت، واليوم أصبحت تتوفر جميع الخدمات بدون عناء. وأشارإلى كثرة الإقبال على خدمة "البيجر" في تلك السنوات حيث اشترى رقم بيجر بمبلغ خمسة آلاف ريال وبعدها الجوال بخدمة 10آلاف ريال في حينها قبل أن تصبح بالمجان. ويضيف السلمي أنه تعب من مراجعة مكتب الهاتف بتلك الفترة وأغلب الموظفين كانوا يتعاملون مع المراجعين بتعال وكبرياء واليوم تغير الحال ويستطيع المواطن تقديم شكوى بذلك ويجد من ينصفه. ويتذكر طارق العلوي أنة كان يحدث بالمنزل سباق بين أفراد الأسرة لمن يرد أولاً على الهاتف وقال "أتذكر أن والدي كان يخصص يوما لكل فرد بالأسرة يرد فيه على الهاتف وكنا نعيش في فرحة عارمة وكأننا في أحد الأعياد". ويذكر العلوي أن جارهم كان يحضر كل يوم ليتصل بمدينة أخرى وكان يدفع قيمة المكالمة في الحال بعدما عرف بارتفاع قيمة الفاتورة التي يحرص الجميع على سدادها قبل صدورها خوفا من الفصل والإلغاء حيث كانت الشركة تقرر فصل الخدمة وبعدها لا تجدي واسطة ولا غيرها لأن هناك من ينتظر الفرصة لدخول الهاتف إليه منذ سنوات. وتقول أم رهف إنها "زغردت" مع دخول الهاتف الثابت لمنزلها قبل 30 عاما وكان حلما جميلا لا يمكن أن تنساه حيث وضعت هي وزوجها الجهاز على سرير النوم ليستمتعا بسماع رناته. وتشير أم رهف إلى أنها كانت تواجه معاكسات كثيرة وقالت : أتذكر أن شخصا ما اتصل عصر الأربعاء وقال إنه موظف بالهاتف وإنه قرر فصل الخدمة لعدم وجود فاتورة عالية، وانتظرنا أنا وزوجي يومين من القلق وبعد مراجعة الهاتف اتضح عدم صحة ذلك وأنه فقط لم يكن سوى شخص مزعج . وتقول أم عبد العزيز إن زوجها كان معه "بيجر" ولم تكن خدمة الجوال موجودة وعندما يكونون بالمركبة وتصله رسالة من البيجر يقوم بالبحث عن مكان به هاتف ليتصل ، لافتة إلى أنه في بعض الأحيان يكون نداء البيجر قد جاءه عن طريق الخطأ . وكان شقيق زوجها يعمل بالهاتف مما مكنه من الحصول على رقم بيجر مميز وبالأرقام القديمة التي تبدأ 1988 حتى أتى اليوم الذي مل زوجها من البيجر بعد أن سبب له قلقا نفسيا من كثرة نغمات الرسائل وقرر أن يتخلى عنه .