تظاهرت نساء وأطفال أمس، أمام مقر قيادة جهاز أمن الدولة في الخرطوم؛ للمطالبة بالإفراج عن معتقلين أوقفوا خلال الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المحروقات. ورفع المتظاهرون صورا للمعتقلين، منها صورة داليا الروبي، الناشطة في حركة الاحتجاج التي تعصف بالبلاد منذ 30 سبتمبر الماضي. وكتب على اليافطات التي رفعها الأطفال "الحرية لأمي"، مشيرين بذلك إلى الناشطة، الأم لثلاثة أطفال. وتحدثت الحكومة عن اعتقال 700 "مجرم" منذ بدء الاحتجاجات الناجمة عن رفع الدعم عن المحروقات. لكن منظمة العفو الدولية ذكرت نقلا عن معلومات لصحفيين وعناصر من أحزاب المعارضة وناشطين وأفراد عائلات أن عدد المعتقلين "أكبر بكثير". وقالت إن قوات الأمن قتلت أكثر من 200 متظاهر أصيب عدد كبير منهم بالرصاص في الرأس والصدر. وكانت الروبي، الموظفة أيضا في البنك الدولي بالسودان، اعتقلت الاثنين الماضي من قبل قوات الأمن، الذين حضروا للقبض عليها في منزلها، حيث صادروا أيضا كاميرا وآلة تصوير رقمية، كما ذكر زوجها عبد الرحمن المهدي، الذي أكد بالأمس، أنه لم يحصل بعد على معلومات في شأن زوجته ولا عن مكان اعتقالها. وأكدت الحكومة أن قوات الأمن قد اضطرت إلى التدخل الأسبوع الماضي بسبب العنف في التظاهرات التي تحولت أعمال عنف أحيانا عبر شن هجمات على محطات للبنزين ومقرات لقوات الأمن. إلى ذلك نظم عدد من أعضاء الجالية السودانية في القاهرة وقفة احتجاجية أمس أمام مقر السفارة السودانية بالقاهرة. وطالب المشاركون في الوقفة برحيل نظام الرئيس السوداني عمر البشير وحكومته بعد سقوط عشرات القتلى في المظاهرات الأخيرة التي اندلعت في السودان احتجاجًا على رفع الدعم عن البنزين والسولار والمواد البترولية. ورفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها "ثورتنا من أجل كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية ووطن يسمع الجميع"، و"سلمية سلمية" و"الشعب يرفض هؤلاء المتسلطين الكاذبين والإخوان"، كما رفعوا أيضا صورا للمجازر في السودان، مرددين هتافات "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب"، و"يا سودان ثوري ثوري ضد رئيس دكتاتوري". وانتقدت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة رد الفعل المتشدد للسلطات. وهدد وكيل الخارجية البريطانية سايمون فريزر بتغيير سياسات بلاده تجاه الخرطوم في حال استمرار قمع المحتجين واستخدام العنف المفرط في مواجهتهم. وقال فريزر في مؤتمر صحفي عقده في ختام زيارة استمرت يوما واحدا للخرطوم "تلقينا وعودا من الحكومة السودانية بالإسراع في كشف نتائج التحقيقات التي تقوم بها بشأن التظاهرات ونأمل في التزام الحكومة بحق التجمع والتعبير السلمي الذي كفله الدستور السوداني". وكشف فريزر عن عقده لقاءات مع مسؤولين في الخرطوم لمناقشة الأوضاع في السودان، قال إنها تطرقت أيضا لإغلاق بعض القنوات الفضائية. وفيما تواصلت حملات الاعتقال وسط الناشطين السودانيين، بعد تظاهرات خلفت 200 قتيل بحسب منظمة العفو الدولية، قال وكيل وزارة الخارجية البريطانية سيمون فريز للصحفيين أثناء زيارة للخرطوم لبحث مشروعات للتنمية، إن أسبوع الاضطرابات الدامية في السودان يجب أن يكون نذيرا للحكومة للعمل من أجل حل النزاعات من خلال الحوار الوطني في أقوى انتقاد دولي للحملة التي تشنها الخرطوم على الاحتجاجات. وأضاف فريز "آمل أن يكون الرد هو أن هذه الاحتجاجات ستمثل تحذيرا للجميع بما في ذلك الحكومة بأن الوضع في حاجة إلى حل". وقال "ستكون نتيجة جيدة للغاية إذا أفضت الأحداث رغم أنها مأساوية في حد ذاتها وغير مقبولة إلى عملية حقيقية للحوار الوطني الشامل". من جهته، أعرب الناطق باسم حركة العدل والمساواة السودانية المعارضة جبريل بلال، عن تمسك الحركة برحيل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان سلميا، وحذر جبريل الحكومة السودانية من أن مواجهة المتظاهرين السلميين قد تتحول إلى ثورة شعبية "محمية بالسلاح".