غزت الإعلانات التجارية في الفترة الأخيرة بشكل متزايد، معظم الطرقات والشوارع العامة في مدن المملكة، لتتحول إلى ما يشبه "غابة" أوراق وخطوط متعددة الأشكال والألوان والمقاسات. فتلك الإعلانات لم يسلم منها جدار ولا خزان ولا حتى إشارة مرورية إلا وحولتها إلى مكان لترويج دعايتها عبر وسائل بدائية تتمثل في الملصقات، مستهدفة أكبر شريحة من الجمهور. كما أن بعض المعلنين يستخدمون أسطح المنازل والمباني السكنية والتجارية لنشر إعلاناتهم، وإن كان على ألواح قديمة متهالكة قد يتسبب سقوطها بأذى للمارة وتهدد حياتهم بالخطر، مما يتطلب فرض رقابة خاصة ومشددة، خصوصاً بعد تسجيل متضررين من وراء بعض هذه الإعلانات التي تستغل ضعف المراقبين لترويج دعايتها بمختلف الطرق، وإن كانت غير نظامية، لكسب أكبر قدر من المستهلكين. تلوث بصري ويعتبر المهتمون بالبيئة انتشار مثل هذه الإعلانات بصورة عشوائية وغير منظمة في كل مكان، مؤثراً بشكل سلبي على البيئة عبر ما يسمى ب"التلوث البصري"، وهو كل ما من شأنه إزعاج البصر من مخلفات بيئية أو إعلانات منتشرة بشكل غير منظم وعشوائي. "الوطن" نقلت إلى الجهات المعنية تساؤلات حول إمكانية فرض عقوبات ضد مخالفي لوائح الإعلانات التجارية ومدى أهمية تفعيل الرقابة بصورة أكبر لمواجهة انتشارها لا سيما في السنوات الأخيرة من دون رقيب، مع التأكيد على أهمية توعية المستهلك بعدم مصداقية بعض من هذه الإعلانات التجارية ومحاولة القضاء عليها قدر المستطاع للحد من هذه الظاهرة عبر تنظيم آلية نشر الإعلانات في أماكن محددة صالحة وفق مخطط محدد من شأنه أن يوجد نوعا من الترتيب والنظام ويقضي على نوعية الإعلانات التي تهدف إلى الاستغلال والربح المادي. وجاء الرد من أمين المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير بإعلانه أن هناك خطة جديدة ستطلقها الأمانة خلال الفترة المقبلة في عدد من فروع البلديات بالمنطقة الشرقية لرصد الإعلانات المخالفة وتطبيق العقوبات ضدها عبر مجموعة من البرامج الخاصة. خطة وآليات وقال الجبير في تصريح إلى "الوطن"، إن الخطة التي يعمل عليها المختصون في الأمانة بعدد من أقسامها وإداراتها، تهدف إلى وضع آلية خاصة بتنظيم هذا النوع من الإعلانات العشوائية المنتشرة في عدد من الأماكن بصورة تلوث البصر وتخلق جوا بيئيا ملوثا في المنطقة، وتستعد الأمانة بشكل منظم ومدروس لتجهيز برامج ستتولى إطلاق مجموعة من الفرق مهمتها رصد هذه المخالفات وفق ضوابط خاصة من شأنها تحسين منظر البيئة عبر القضاء على مثل هذه المشاهدات الملوثة للعين، مؤكداً أن الأمانة ماضية بمعالجة كل ما يلوث البيئة عبر اتخاذ التدابير اللازمة في كل ما من شأنه الحفاظ على البيئة ومرافقها. خطر محدق من جانبه اعتبر المدير العام لإدارة التخطيط العمراني في أمانة المنطقة الشرقية، الرئيس السابق لبلدية وسط الدمام، المهندس مازن بخرجي، أن انتشار مثل هذه الإعلانات خطر يهدد ساكني المباني، خاصة في ظل التغيرات الجوية التي تتأثر خلالها هذه اللوحات الإعلانية. وقال بخرجي ل"الوطن" إن انتشار الإعلانات على أسطح المنازل والمباني التجارية يمثل خطورة لساكني هذه الأماكن وتزيد هذه الخطورة مع سوء الأحوال الجوية وما تشهده المنطقة من عواصف رملية قد تؤدي لسقوط هذه اللوحات، خاصة إن تجاهل أصحابها صيانة اللوحات الإعلانية. وتابع: رصدت أمانة المنطقة الشرقية قبل فترة مجموعة من اللوحات التي تعد تشويها للمنظر العام، وخاطبت ملاك هذه المباني بإزالة مثل هذه اللوحات، كما أن البعض منها في أقصى العقوبات يحرم من تجديد الترخيص له. فالبلديات ماضية في رصد المخالفات ضد الإعلانات المشوهة للمنظر الجمالي للمنطقة ومتابعة أصحاب هذه الإعلانات والمطالبة بصيانتها في حال دعت الحاجة لذلك، كما وجهت الأمانة تحذيراتها للمخالفين برصد العقوبات في حال الاستمرار بتجاهل ضوابط وشروط الإعلانات، وذلك انطلاقا من الحفاظ على جمالية المنطقة والمدينة والشارع بشكل يبعث النظافة والتنظيم في كل الأحياء. الأمن من العقوبة فيما حذر الدكتور إبراهيم عالم المختص في علم الأرض والبيئة، من النتائج السلبية وراء مثل هذه الإعلانات المنتشرة في السنوات الأخيرة بشكل عشوائي وبصورة غير منظمة، والتي اعتبرها في حديث ل"الوطن"، مظهراً من مظاهر تلوث البيئة وجلب الضرر للفرد عبر نشر هذه الإعلانات دون ضوابط وآلية معينة تحد من انتشارها في المباني التجارية وعلى أسطح المنازل بشكل متزايد، خاصة في ظل غياب الرقابة من الجهات المعنية برصد هذه المخالفات بحق أصحابها وفرض العقوبات عليهم من أجل الحفاظ على سلامة البيئة من جانب وسلامة المستهلك من جانب آخر. ورأى أن تساهل أصحاب هذه الإعلانات التجارية في تسويق منتجاتهم عبر الاستعانة بأسطح المنازل أو أعمدة الإشارات المرورية يرجع إلى أمنهم من العقوبة التي من المفترض أن تطبق بحقهم من قبل الجهات المعنية، مطالباً بتشديد الرقابة وفرض العقوبات حول مخالفي نظام الإعلانات التجارية من أجل الحفاظ على نظافة البيئة بصورة نظرية ومريحة للعين، كما أن تنظيم نشر الإعلانات التجارية بمختلف أنواعها في الطرقات سيساهم بشكل كبير في خروج الفئة المحتالة من المعلنين التي تستغل الشوارع العامة لنشر إعلاناتها وجذب العملاء لتحقيق مكاسب مالية على حساب المواطن الذي ينساق عفوياً وراء هذه الإعلانات مصدقاً ما ورد فيها من معلومات قد تكون غير صحيحة. مقاضاة وتوعية ومن جانب قانوني ذكر المحامي عبدالله الرشيد عبر لقائه مع "الوطن"، أن مكتبه قد سجل عدداً من القضايا لمتضررين من انتشار هذه الإعلانات بصورة عشوائية وطريقة غير نظامية وليست رسمية، حيث يستغل ضعاف النفوس من المعلنين عفوية المستفيد من الإعلان لاصطياد ضحاياهم بطريقة سهلة وغير مكلفة تتلخص في ملصقات لا تكلفهم شيئا يذكر يضعونه في الغالب على أعمدة الإشارات المرورية التي تشهد كثافة في مرور السيارات على الطرق الرئيسية، وتتنوع هذه الإعلانات بين سداد القروض، وهي الأكثر انتشاراً وبيع السيارات وشراء الأثاث والأسهم، كما أن المعلمين والمعلمات أيضا باتوا يروجون لمهنتهم عبر ملصقات على البيوت والمدارس والمجمعات التجارية وغير ذلك كثير. وطالب الرشيد المتضررين من مثل هذه الإعلانات التي وصفها بالفوضوية وغير المعتمدة، باللجوء إلى الجهات المعنية لكشف تلاعب المحتالين ومعاقبتهم قضائيا بحسب اللوائح والأنظمة بمثل هذه الحالات، كما أن توعية الجمهور مطلب ملح ينبغي على الجهات الرسمية عدم التغاضي عنه، معتبرا التوعية أولى مراحل السيطرة على المشكلة.