لم تعد أعمدة الإنارة في الشوارع والطرقات العامة، مُخصصة للإضاءة الليلية فحسب، بعد أن تحولت إلى لوحات إعلانية مجانية، لعدد من أصحاب «السمسرة»، الذين لم تعنهم تحذيرات البلديات والأجهزة الأمنية في مختلف مناطق المملكة، والتي أكدت منع لصق الإعلانات الترويجية على هذه الأعمدة، أو حتى منع المصارف، من وضع هذه الملصقات على أجهزة الصراف الآلي الخاصة بها، وتأكيدها على ضرورة «احترام الأنظمة والقوانين الخاصة بالتعامل مع الممتلكات الخاصة». ووجد سماسرة السيارات، في هذه المواقع، مكاناً مفضلاً للترويج لخدماتهم، وإبراز قدراتهم التسويقية في بيع السيارات وشرائها، في أساليب وطرق مختلفة، بعد ان كانوا محصورين في معارض السيارات والمزادات الخاصة بها. إلا ان عدم تطبيق الأنظمة البلدية بصورة «فاعلة»، ساهم في استغلالهم عدداً من الممتلكات والمرافق الخاصة، لممارسة السمسرة بصورة «فظة». واعتاد زائرو المنطقة الشرقية، فضلاً عن قاطنيها، على مشاهدة اللوحات والإعلانات التسويقية على أعمدة الإنارة والإشارات، إضافة إلى جدران المنازل، والصناديق الخاصة ب «الشركة السعودية للكهرباء»، حتى وصلت الحال إلى وضع ستة إعلانات مختلفة على عمود إنارة واحد، وسط تنافس «محموم» بين السماسرة على الترويج لأنفسهم، بعبارات يستخدم فيها فن السجع، مثل «أبو مشاري شاري»، أو «أبو خلف ما وراه تلف، اتصل وأنت الربحان»، واضعين أرقام هواتفهم، والموديلات المطلوبة، مشيرين إلى أنهم يتواجدون في المكان الذي يتواجد فيه الزبون، و»الدفع في شكل مباشر، ونقداً». ويعزو محمد الخليفة، انتشار هذه الإعلانات، إلى «سعي السماسرة إلى التوسع في أنشطتهم التجارية». ويقول: «لم يعودوا يعتمدون على بيع السيارات في الصالات، أو في منطقة المعارض، إذ تحول الهواة إلى سماسرة، بأساليب مبتكرة وجديدة تنافس أصحاب الخبرة». ويوضح أن الأساليب الحالية تتركز على «شراء السيارات وبيعها، من طريق مواقع الإنترنت الخاصة، إضافة إلى صفحات التواصل الاجتماعي على شبكتي «فيسبوك» و»توتير»، وكذلك من طريق المجاميع البريدية»، مضيفاً «ووصلت ببعضهم الحال إلى استخدام رسائل برنامجي «واتس اب»، و»البلاك بيري». وأضاف ان «بعض السماسرة ركزوا في الفترة الأخيرة، على السمسرة من طريق أعمدة الإنارة والإشارات، خصوصاً ان أساليب البيع من خلال الدفع المباشر والتواجد في مكان العميل وسيارته، تغري الكثير من الناس، خصوصاً الذين لا علاقة لهم بسوق بيع السيارات». ويتهم فاضل عباس، بعض سماسرة السيارات الذين يضعون ملصقات على أعمدة الإنارة، وعلى جدران المنازل ب «استغلال المشترين بصور مختلفة، بهدف شراء السيارة بأقل سعر ممكن»، مضيفاً «تعرضت لأزمة مالية قبل فترة، فاضطررت لبيع السيارة، أملاً في سداد ديون، فأدهشتني أساليب الترويج التي يمارسها السماسرة، من خلال الملصقات التي وجدتها على عمود إنارة في الطريق، ما دعاني إلى الاتصال بأكثر من سمسار. إلا أنهم كانوا يعرضون ثمناً بخساً لها، إذ لم تتعد القيمة التي عرضوها 12 ألف ريال، على رغم ان سعرها الحقيقي يفوق ما عرضوه بكثير. لذا رفضت المبلغ، وبعت السيارة من طريق شخص موثوق ب18 ألف ريال». ويرى فاضل، ان هؤلاء السماسرة «يستغلون طبية الناس، وحاجتهم للمبلغ، فمتى ما كان الشخص ضعيفاً أمامهم حاولوا استغلاله إلى أقصى مدى». ولا تنحصر أصابع الاتهام في سماسرة السيارات فحسب، بل تعدتها إلى إعلانات الحج والعمرة، وكذلك سداد الديون والقروض، التي بدأت تستفحل أخيراً، وتعدت أعمدة الإنارة إلى السيارات الشخصية، وأبواب المنازل. فيما يقوم عمال أجانب بترويج إعلاناتهم أمام الإشارات الضوئية في الطرق. وعلى رغم حملات التفتيش التي تقوم بها البلديات، وتحذيراتها المستمرة من وضع الإعلانات. إلا أنها لم توقف سيل هذه الإعلانات. ما يدفع سامي عبد العزيز إلى الاعتقاد ان هذه الحملات «صورية فقط، إذا لم ترتق إلى عقوبات رادعة، تمنع هؤلاء السماسرة من ممارسة هذه التصرفات التي تشوه المنظر العام».