أشاد سياسيون وخبراء مصريون بالكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمس، والتي أعلن فيها وقوف المملكة التام حكومة وشعباً، مع الحكومة المصرية في تصديها للجماعات التخريبية التي ظلت تمارس الإرهاب خلال الفترة الماضية. وأهاب الملك بجميع المصريين والعرب والمسلمين الوقوف إلى جانب مصر في وجه كل من يحاول أن يزعزع استقرارها، والوقوف بحزم في وجه من يساندون الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية، مشيرين إلى أنها تمثل أقوى صور التضامن العربي والإسلامي مع السلطات المصرية في حربها التي تخوضها حالياً لتأكيد سيادتها وحفظ أمنها والحفاظ على مواطنيها. وأكدوا أن هذا الموقف من خادم الحرمين ليس بمستغرب من قادة المملكة الذين اعتادوا الوقوف إلى جانب إخوانهم العرب والمسلمين، كما أشادوا بموقف السعودية الداعي لمحاربة الإرهاب وتأكيد الشرعية ومناهضة الحركات المثيرة للفتن والقلاقل. وكانت مؤسسة الرئاسة المصرية قد أثنت أمس على موقف المملكة الداعي لوقوف الدول العربية والإسلامية إلى جوار مصر في أزمتها الراهنة. وقال أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس الموقت عدلي منصور، إن مصر لن تنسى أبداً هذا الموقف التاريخي لخادم الحرمين الشريفين، مضيفاً أن الشعب المصري دوماً له في المملكة أشقاء وأصدقاء وحلفاء. وأوضح أن هذه الدعوة جاءت في وقتها الصحيح الذي تحتاجه القيادة المصرية في حربها على الإرهاب. موقف شريف بداية أعرب رئيس مجلس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي عن بالغ الشكر والتقدير لموقف خادم الحرمين الشريفين، وقال "هو موقف شريف يؤكد دعم الملك عبد الله بن عبد العزيز وتأييده لحكومة وشعب مصر ضد قوى الإرهاب وتلك الأطراف الدولية التي تحاول التدخل في الشأن المصري". أهمية خاصة ووجه نقيب المحامين المصريين، وأمين المحامين العرب والقيادي بجبهة "الإنقاذ الوطني" سامح عاشور، تحية تقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واصفاً المملكة بالشقيقة الكبيرة، لافتاً إلى أن موقف المملكة من مصر ومساندتها في محنتها التي تمر بها حالياً، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن لمصر ولكل الدول العربية شقيقة كبرى تقف إلى جانبها وتشد من أزرها هي المملكة. وقال إنه موقف يكتسب أهميته من المكانة البارزة التي تتمتع بها المملكة على الصعيدين الدولي والمحلي، وما تحظى به قيادتها من احترام كبير على مختلف الأصعدة الدولية. واسترسل بالقول: "موقف السعودية من الأحداث الجارية في مصر، ليس بغريب على دولة شقيقة طالما ساعدت مصر ووقفت إلى جوارها على مر التاريخ"، مثمناً خروج خادم الحرمين الشريفين وإعلانه دعم مصر ضد الإرهاب، ورفضه لأي تدخل دولي في شؤون مصر الداخلية، وهو موقف لن ينساه المصريون. تحية صادقة من جهته، عبر المنسق الإعلامي ومؤسس حركة "تمرد" محمود بدر، في تصريحات إلى "الوطن"، عن تقديره وتقدير كل مواطن مصري للموقف السعودي، وقال: "في هذا الموقف العصيب الذي تمر به مصر تتوجه الحركة وكل مواطن مصري شريف بالتحية الصادقة العميقة لخادم الحرمين الشريفين وشعب المملكة العظيم، لدعمه ومساندته إرادة المصريين برفضه التدخل الخارجي في شؤون مصر الداخلية، وتأييده لها في حربها على الإرهاب"، لافتاً إلى أن المصريين يجلون ويقدرون من يحترم إرادة المصريين ويقف بجانبهم. وأكد أن الموقف السعودي من مصر ليس بمستغرب وهو موقف طالما عبر عنه ملوك المملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن سعود. موقف معتاد في سياق متصل، أكد الكاتب الصحفي المصري مصطفى بكري، أن موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمس، أعاد للأذهان الموقف العظيم للملك فيصل، رحمه الله، أثناء حرب مصر على إسرائيل عام 1973، حيث كان للمملكة دور بارز في نصر أكتوبر المجيد، بعد قرار وقف إمدادات البترول إلى أميركا والغرب أثناء الحرب لمساندة مصر. وأضاف أن السعودية اعتادت دائماً أن تقف إلى جوار مصر في أوقات الشدة، مشيراً إلى أن الموقف الأخير للمملكة ما هو إلا درس لكل الأطراف على الجميع الاقتداء به، وعلى جميع الدول العربية أن تحذو حذوها، بعيداً عن المواقف التي تزايد على مصالحها الخاصة وتدعم الدول التي لها مصالح في مصر وباقي الشرق الأوسط. رد قوي وعلى ذات السياق، يسير مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة اللواء علاء عز الدين، مشيراً إلى أن ما قاله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من تأكيده على وقوف المملكة العربية السعودية إلى جوار مصر في حربها ضد الإرهاب، يأتي كردٍ قوي وفاعل على ما قامت به جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية من وضع يدها في يد دول أجنبية للتآمر على مصر، وأنه يجب التعامل معها بحزم وقوة، وإلا سيستمرون في العنف والإرهاب والتطرف. وأضاف عز الدين: "على الجميع مواجهة مخططات هذه الجماعة المتطرفة للقضاء على الإرهاب، حتى لا تنجر البلاد إلى مستنقع عنف لا يمكن أن تتحمله المنطقة العربية كلها". مواجهة المطامع وبدوره، اعتبر نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عماد جاد، الدعوة السعودية بمثابة درس لكل الدول العربية التي تربطها بمصر أواصر الدم والدين، ويقول: "تلك الدعوة بالغة الأهمية، خاصة وأنها تأتي لمواجهة بعض الدوائر التي تتبع سياسة تدمر القيم والمجتمع المصري، وتصر على إعادة نظام جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة إجرامية غير عابئة بما يصل إليها من حقيقة الأمور". وأضاف: "تلك الدعوة تأتي أيضاً لمواجهة المطامع التي أظهرتها بعض الدول التي لها أحلام بالسيطرة على المنطقة العربية من خلال إسقاط الدول الكبرى مثل مصر، وهي أحلام تجاوزها الزمن وأصبحت جزءاً من الأساطير والماضي الذي لن يعود أبداً بإذن الله". تناقض وتضارب أما الخبير الاستراتيجي اللواء محمود زاهر، فقد أثنى على ما قاله العاهل السعودي، وقال: "هذه الوقفة التاريخية الصادقة التي تنطلق من أواصر العروبة والإسلام تعكس وقوف المملكة شعباً وقيادة إلى جوار مؤسسات الدولة المصرية وإلى جانب قرارها المضاد للإخوان، وذلك في توقيت بدا فيه الآخرون وهم يضعون يدهم مع جماعة الإخوان الإرهابية التي لم تتورع عن إرهاب الشعب والسعي لإضاعة مكتسباته، ومن المؤسف أن هذه الدول التي تستنكر حرص مصر على أمنها الاستراتيجي ومكتسباتها ومقدراتها قامت بالأمس القريب بالاعتداء على مواطنيها العزل، وفي ذات الوقت تستنكر علينا أن ندافع عن أمننا واقتصادنا ومؤسساتنا، وكأنهم يريدون للدولة أن تتفرج على الخارجين عن القانون وتسمح لهم بممارسة أفعالهم التي لا يقرها قانون ولا شرع". وأضاف: "العنف لا بد أن يقابل بعنف حتى تستقيم الأمور، وتعود للدولة هيبتها وأمنها، ومن حق المواطن المصري أن يعيش في أمان، وعلى الشرطة والجيش العمل على ضمان سلامة الدولة". مخطط تآمري إلى ذلك، قال عضو الهيئة العليا لحزب الوفد وعضو جبهة الإنقاذ كاظم فاضل، في تصريحات إلى "الوطن"، إن المملكة أثبتت بهذا الموقف التاريخي الفريد بعد نظر قادتها والحكمة التي يتمتعون بها، وقال: "أرحب بما طرحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وأرى أن هذا الموقف يساند مصر في مسيرتها واختيارها للمستقبل في مواجهة الإرهاب الذي يريد أن يقطع الطريق على مسيرتها، ولهذا الموقف أبعاد دولية وإقليمية وداخلية، فعلى الصعيد الداخلي فإن المملكة أوضحت بدون لبس أو غموض، أنها تقف مع مصر في مواجهة الإرهاب والتطرف والتشدد الذي يريد أن ينسج خيوطه في مصر، وهذا إذا حدث – لا قدر الله – فلن يقتصر على مصر وحدها، بل ستمتد آثاره الشريرة إلى كامل المنطقة ولن تسلم منه دولة". وأضاف قائلاً: "أما على الصعيد الإقليمي فإن كلمات خادم الحرمين الرائعة تدعم موقف مصر في مواجهة قوى إقليمية تريد أن تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر لتفرض أجندتها الخاصة. وعلى الصعيد الدولي فإن هناك هجمة أوروبية وأميركية تريد أن تستخدم مجلس الأمن الدولي للتدخل في الشأن الداخلي لمصر، وتسعى لاستدامة الأوضاع السائدة حالياً من احتراب وعنف منظم، مما يهدد بحرب داخلية تقسم الشعب المصري سياسياً وجغرافياً"، مشيراً إلى أن موقف السعودية يكتسب أهميته من مكانتها الكبيرة. دعم سخي وفي ذات السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي بصحيفة الأهرام الدكتور محمد حسين، أن موقف خادم الحرمين الشريفين، يرسخ لضرورة حل المشكلة الداخلية المصرية في الداخل ويقطع الطريق على التدخل الدولي الذي لا يريد خيراً بشعب مصر في أزمته الراهنة. وقال: "المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين اختارت منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 الانحياز إلى خيار الشعب المصري، وفي الثالث من يوليو اختارت الوقوف في صفه سياسياً واقتصادياً وقدمت دعمها الكامل للشعب والاقتصاد المصري، وقدمت بسخاء تام مبلغ 5 مليارات دولار". استكمال المسيرة من جانبه، يرى الكاتب الصحفي مدير تحرير مجلة "آخر ساعة" حسن علام، أن هذا هو الموقف المتوقع من خادم الحرمين الشريفين لمساندة شعب مصر في مواجهة المؤامرات الداخلية والخارجية التي لا تستهدف مصر وحدها وإنما المنطقة العربية كلها. وقال: "للمملكة تاريخ طويل في الوقوف إلى جانب مصر منذ عهد الملك المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز وأبنائه البررة الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله، والآن يكمل الملك عبدالله المسيرة التاريخية لدعم وحدة شعب وأرض مصر في هذا الوقت العصيب الذي تمر به وسط مؤامرات تحاك ضدها تستهدف شعبها ووحدتها". وتوقع علام أن تسهم هذه المبادرة بشكل حاسم في دعم خيار الشعب المصري والمضي قدماً في خارطة الطريق التي أيدها الشعب المصري ويجرى تنفيذها حالياً على رغم الاعتراضات هنا أو هناك. ولفت إلى أن مصر والسعودية لهما تاريخ طويل في التصدي لجرائم الإرهاب والتطرف الذي ضرب المنطقة العربية منذ تسعينات القرن الماضي، لذا فإن موقف خادم الحرمين الشريفين يصب في دعم مصر لمواجهة الإرهاب. تأييد عربي لمضامين كلمة الملك عبدالله أبها: الوكالات لقيت كلمات خادم الحرمين الشريفين إشادة عربية واسعة، فقد أشادت الإمارات العربية المتحدة بالموقف السعودي، وأعربت وزارة خارجيتها في بيان رسمي نقلته وكالة أنباء الإمارات عن تأييدها ودعمها الكامل لكلمة وموقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز من الأحداث الجارية في مصر. وأكدت أن هذا التصريح "ينم عن اهتمام خادم الحرمين الشريفين بأمن واستقرار مصر وشعبها، كما يأتي في لحظة محورية مهمة تستهدف وحدة مصر واستقرارها، وينبع من حرص خادم الحرمين الشريفين على المنطقة، ويعبر عن نظرة واعية متعقلة تدرك ما يحاك ضدها". وأشارت إلى أنها تغتنم هذه الفرصة لتقف مع المملكة في دعم مصر وسيادتها، وكذلك موقفها الثابت والحازم ضد من يوقدون نار الفتنة ويثيرون الخراب فيها، انتصاراً لمصر الإسلام والعروبة، وهذا ما عهدناه من خادم الحرمين الشريفين من صلابة في الموقف وجرأة في قول الحق وطرح عقلاني هدفه مصلحة المنطقة واستقرارها وخير شعوبها. من جانبه أشاد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أمس بكلمات الملك عبدالله وموقفه الواضح، الذي أكد فيه أن على المصريين والعرب والمسلمين التصدي لكل من يحاول زعزعة أمن مصر وشعبها. وقال جودة إن بلاده تقف مع هذه الدعوة وتجدد وقوفها إلى جانب مصر في سعيها لفرض القانون، مؤكدا أن أهمية مصر تتطلب من الجميع الوقوف ضد كل من يحاول العبث بأمنها. وأضاف "الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني يقف إلى جانب مصر الشقيقة في سعيها الجاد نحو فرض سيادة القانون واستعادة عافيتها وإعادة الأمن والأمان والاستقرار لشعبها العريق وتحقيق إرادته في نبذ الإرهاب وكل محاولات التدخل في شؤونه الداخلية. وأهمية مصر المحورية للأمة العربية والعالم تتطلب منا جميعاً الوقوف ضد كل من يحاول العبث بأمنها".