صدر أخيراً كتاب "سيميولوجيا الخطاب السردي عند الروائي خليل الجيزاوي روايتي مواقيت الصمت وسيرة بني صالح أنموذجاً"، للباحثة الجزائرية راضية شقروش، عن دار سندباد للنشر والتوزيع بالقاهرة، بغلاف للفنان هشام محي. جاء الكتاب في 120 صفحة من القطع المتوسط ومقدمة وخاتمة وبينهما ثلاثة فصول، وكان عنوان الفصل الأول: مدخل نظري.. مفاهيم عامة حول السرد والسيمياء، وجاء عنوان الفصل الثاني: المستوى السطحي في الروايتين، بينما جاء عنوان الفصل الثالث والأخير بعنوان: المستوى العميق في الروايتين، وتقول الباحثة راضية شقروش في مقدمة الكتاب: تتفاعل الكتابة السردية وتنصهر لتولد الرواية، هذا الفن الذي كان حديث النشأة في البيئة العربية نضجا واكتمالا، واليوم أصبح يتصدر الفنون الأدبية، وسجل تفوقه على الشعر، فأصبحت الرواية فقه الوجدان العربي، حيث تتعرض للإنسان وهو يشارك مجتمعه وتاريخه همومهما، وكل هذا يعتمد على براعة الروائي الفطن الذي يستطيع أن يصوّر تارة ما يحمل على التوتر والصراع، وتارة أخرى إلى كل ما هو محبوب وجميل؛ ولعلّ الروائي خليل الجيزاوي قريب من هذا الوصف، هذا جعلني اختار نموذجين من إبداعاته الروائية وهما: "رواية مواقيت الصمت ورواية سيرة بني صالح" لما تحملانه من ملامح إنسانية ورموز توحي بأصالة الإبداع العربي عامة، والمصري على وجه الخصوص، فنجد الروائي قد نوّع بين نظرته لمجتمعه وأمته، ونظرته لعالمه الخاص (عائلته) من خلال هذين الإبداعين بخلق نوع من التآلف بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي، وهذه هي قمة الإبداع الأدبي. والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا المقام هو: كيف استطاع الروائي خليل الجيزاوي توظيف إبداعه السردي في الروايتين؟ وهل للتراث مكان في الإبداعين؟ وتضيف شقروش: هذا ما حاولت الإجابة عنه في هذا البحث التطبيقي المنهج، السيميولوجي أو السيميائي، لما يختص به من شمولية آلياته الإجرائية، معتمدة فى ذلك على نظرية غريماس لمرونتها، وقدرتها على مد الجسور مع نظريات تقاسمها أطراف التحليل، كما استعنت بكل ما يتعلق بتطبيقات هذا المنهج في ما يخص التفاعل النصي وما يضم من مناص وتناص، وقد واجهتني في بحثي هذا بعض الصعوبات، أذكر منها على سبيل المثال: تعدد شرّاح السيمائية السردية خصوصاً نظرية غريماس، وقلة الدراسات التطبيقية في مجال سيمياء السرد، وعلى الرغم من ذلك فقد حاولت قدر الإمكان تجاوزها بالبحث الجاد. قسمت بحثي إلى فصلين؛ مقدمة ومدخل نظري ويدور موضوعه حول مفاهيم عامة للسرد عند العرب والغرب، محددة المفهوم اللغوي الاصطلاحي لكلا الطرفين، والسيمياء مفهومها وموضوعها. اعتمدت شقروش في بحثها على جملة من المصادر تضمنت الدراسات السابقة في مجال السرد، سواء على مستوى التنظير أو التطبيق، منها: لسان العرب لابن منظور، قاموس السرديات لجير الدين برنس، السيمائية السردية لرشيد بن مالك، سيمياء الكلام لمحمد الداهي، بنية النص السردي لحميد الحميداني.