في مثل هذه الأيام من كل عام، تقام اختبارات الثانوية العامة في سورية "الباكالوريا". ومن لم يحالفه الحظ في الحصول على مجموع يؤهله للدخول إلى الكلية التي يختارها، فإن بإمكانه التقدم بطلب ليعيد السنة -وإن كان ناجحا - أملا في الحصول على مجموع أعلى، ويطلق عليه "ناجح ويعيد". ولكن يبدو أنه كتب على العديد من اللاجئين الفلسطينيين في سورية أن "يحظوا" بفرصة إعادة لجوء جديدة، لتعقب اللجوء الكبير عام 1948، وذلك بعد أن أصبح عدد من مخيماتهم ضحية للنزاع الدائر في البلاد. يقول أحمد، مدرس بإحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "الأنروا" في اتصال مع "الوطن" من دمشق: "تركنا مخيم اليرموك أنا وعائلتي منتصف ديسمبر الماضي بعد تصاعد النزاع بين النظام والمعارضة المسلحة في المخيم، واستحواذ الأخيرة عليه. أقيم الآن في فندق وسط الشام، ولا أعلم ما حصل لمنزلي. تنطبق علينا الآن عبارة "لاجئ ويعيد"، إذ لم يكتف آباؤنا وأجدادنا باللجوء إلى سورية وقت نكبة 1984، بل صرنا نحن الأحفاد، لاجئين للمرة الثانية، داخل أو خارج سورية، ولكن لأسباب أخرى تختلف عن سبب اللجوء الأول. وأخشى أن تكون هناك خطة لتهجيرنا نهائيا من سورية دون عودة، ومعظم أقاربي في لبنان الآن". وتصاعدت الاشتباكات أواخر العام الماضي في مخيم اليرموك في دمشق إذ تعرضت اللجان الشعبية المكلفة بحماية المخيم في ديسمبر 2012 إلى هجوم تدخلت على إثره القوات النظامية، ولكن أصبح المخيم تحت سيطرة الثوار، وخرج الأهالي بعد تلك التطورات العنيفة المفاجئة. وحول إشكالية موقف اللاجئين الفلسطينيين من الأزمة السورية، يقول أحمد: "اللاجئ الفلسطيني مدان دائما. فإذا وقف إلى جانب النظام، فهو "شبيح". وإذا وقف إلى جانب المعارضة، فهو ناكر لجميل الدولة التي تساويه بالمواطن السوري في الحقوق والواجبات. أما الحياد فأشبه بالمستحيل". من جانبها، تقول المعلقة السياسية الكندية مايس أيه ل"الوطن": إن تورط الفلسطينيين في الأزمة الدائرة "أمر حتمي"، ولكن الحقيقة المحزنة هي أن الفلسطينيين لا يستطيعون فعل ما يريدونه، فسواء كان الفلسطيني في بلاده أو خارجها، فإنه لا يستطيع أن يكون حرا في اختيار رؤيته السياسية دون أن تكون البيئة المحلية مؤثرة في ميوله. كما أن هذه الفئة من السكان في سورية تبقى عرضة للمشكلات بسبب عدم وجود ثقافة سياسية متجانسة أو وطن مستقل يحتويها، وتلك العناصر المفقودة تجبرها على اتخاذ موقف سياسي ضمن البلدان التي يقطنونها، وقد لا تكون مرضية لجميع الأطراف".