إنه لأمر محزن أن تتحول ضحكات الفرح والسرور إلى آهات وأنين الألم، وكأني أسمع صيحات فلذات أكبادنا وصرخاتهم البريئة وهي تدوي معلنة عن حادث سقوط عربة لإحدى الألعاب الكهربائية في مجمع تجاري بالعاصمة الرياض. حادث أليم وخبر مشؤوم تناقلته وسائل الإعلام المحلية، نأصيب فيه اثنا عشر طفلا بريئا ليس لهم ذنب ولا جريرة، أنفس بريئة جاءت إلى ذلك المكان للمرح والفرح ونشر عطر الحياة بالضحكات، ولكن النهاية لم تكن سعيدة، وخرجت تلك الأجساد الصغيرة النحيلة من ذلك المكان مضرجة بالدماء، وتعلو تلك الثغور ملامح الحزن والألم بدلا من ملامح الفرح والسرور. هذا الحادث الأليم لم يكن الأول وبالطبع لن يكون الأخير إذا ما تم تدارك الوضع وتم تصحيح أوضاع تلك المدن الترفيهية ومراعاة الضوابط والاشتراطات اللازمة والتي تؤمن بعد الله سلامة الصغار وأهم من ذلك التأكد وبكل صرامة وحزم من تطبيق تلك الاشتراطات وألا تكون جولات الجهات الرقابية روتينية، الهدف منها أن تكون المنشأة ملتزمة بالاشتراطات عند الجولة فقط وسلامة الإجراءات ورقيا. الكل متفق على أن إقامة المدن الترفيهية هو نشاط تجاري الهدف منه بالنسبة لصاحب النشاط في المقام الأول الربح المادي، وهذا أدى إلى العمل على زيادة هامش الربح بطريقة قد تؤدي إلى الإهمال في تطبيق إجراءات السلامة وترتب على ذلك بعض المخالفات، التي تم رصدها بأكثر من مدينة ترفيهية، وفي أكثر من منطقة في المملكة وعلى سبيل المثال: 1- بعض الألعاب قديمة وقد يكون انتهى عمرها الافتراضي وبعض مكوناتها مكشوفة. 2- تشغيل عمالة غير مؤهلة وغالبا عمالة آسيوية لا تملك أدنى مقومات التعامل السليم مع الأطفال والتفاعل الصحيح في حال حدوث أي طارئ (لا سمح الله). 3- عدم التقيد بالفئة العمرية للأطفال لكل لعبة فجميع الألعاب مفتوحة للأطفال كافة دون استثناء، رغم وجود لوحات إرشادية تحدد العمر المناسب لكل لعبة، ولكن العمالة لا تراعي هذه الإرشادات، وتسمح بدخول الأطفال أيا كان أعمارهم (قد يكون توجيها إداريا لهم بذلك لضمان زيادة نسبة الربح). 4- بعض حواجز الحماية المركبة لمنع دخول الأطفال إلى حرم اللعبة تحتوي على ثغرات تمكن الأطفال من الدخول والاقتراب من اللعبة بشكل خطر. 5- عدم اهتمام العمالة المشغلة للألعاب بربط أحزمة الأمان للطفل داخل اللعبة وأخذ الوضعية الصحيحة داخل اللعبة وبعض الألعاب أحزمة الأمان الخاصة بها تالفة. 6- الحرص الشديد على تكديس الألعاب والاستفادة من المساحات أدى إلى تركيب الحواجز بشكل قريب من الألعاب، فتصبح المسافة الفاصلة بين اللعبة والحاجز قريبة وهذا يشكل خطورة خاصة في الألعاب المتحركة والدوارة. 7- عدم الاهتمام بوسائل السلامة وأجهزة الأطفاء وأبواب الطوارئ. 8- عدم مراعاة تأمين حقيبة الإسعافات الأولية للتعامل مع الحالات البسيطة. إن ما تم ذكره من مخالفات قد لا يعمم على جميع المدن الترفيهية وبالمقابل بعض المدن الترفيهية قد تتضمن مخالفات أكثر من ذلك، ولكن حتى لا تتكرر المأساة يجب أن تعمل الجهات المختصة وبكل حزم بإلزام أصحاب المدن الترفيهية بتطبيق اشتراطات السلامة وتوفير العمالة النظامية المدربة وعدم السماح للأطفال الذين لا تنطبق أعمارهم على العمر المحدد لاستخدام اللعبة مهما كانت الأسباب حتى ولو كان بطلب من والدي الطفل، والحرص الشديد على ربط أحزمة الأمان، والجلوس بالوضعية المناسبة، والصيانة الدورية للألعاب، مع الالتزام بوضع ملصق على كل لعبة يوضح بيانات اللعبة وتاريخ الفحص الدوري الوقائي للعبة وسجل فني لكل لعبة يوضح جميع إجراءات الصيانة التي تمت منذ بداية تركيب اللعبة على أن يتم متابعة هذه السجلات من قبل الجهات المختصة بشكل دوري للتأكد من صحة البيانات، وعدم السماح بتركيب ألعاب سبق استعمالها في مواقع أخرى، والأهم فرض الجزاءات والغرامات المناسبة لكل مخالف لا يلتزم بالإجراءات الوقائية الضامنة بعد الله لسلامة أطفالنا وكل ذلك لتكتمل فرحتنا برسم الابتسامة على تلك الثغور البريئة دون أن يعكرها أي مكروه (لا سمح الله). همسة لكل أب وأم: أطفالنا أمانة في أعناقنا فلنحافظ عليهم ونتأكد بأنفسنا من مناسبة اللعبة لعمرهم وجلوسهم الصحيح باللعبة وربط حزام الأمان.