هاجم مثقفون مشاركون في أولى ندوات الموسم الثقافي الصيفي للهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور صابر عرب والتي دارت أول من أمس حول كتاب "نقد ثقافة التخلف" للدكتور جابر عصفور، ما سموه التسلط الذي يقوم على الاحتكار لصالح نخبة تولد ثقافة التخلف وهي ثقافة الاتباع الفكري والتعصب والرضا بما هو كائن والخوف من التغيير وقمع الرأي. وقال مدير الندوة السيد ياسين "إن جابر عصفور يتحدث عن أهمية النقد الثقافي، وتحليل عقل الكاتب نفسه، وطريقة الكشف عن كل ما يحتاج إلى كشف، وأهم فكرة يقدمها في المقدمة هي تطوير العقل النقدي، وخصوصا للقارئ الشاب على أساس أن ذلك مفتاح تطوير التعليم المصري، فالتعليم الآن يصنع عقلا اتباعيا وليس نقديا، ويعد ذلك جزءاً أساسيا من سلبيات المعرفة، ويؤكد على أن تطوير العقل النقدي هو المدخل لبناء مجتمع المعلومات ثم مجتمع المعرفة، وقد ركز عصفور نظريته في مجموعة من الأفكار الأساسية هي أن عصور الانحدار التي تقوم على النقل وليس على النقد، وأن هناك إشكاليات تحتاج للتأمل ويدعو لإعادة التفكر في مفهوم التقدم، كما يتحدث عن التخلف السياسي بكل جسارة وغياب الديموقراطية في العالم العربي مما يولد العنف الذي أصبح ظاهرة". وأضاف ياسين أن ثقافة التخلف تقوم على أساس الحفاظ على الوضع الراهن، مشيرا إلى أن عصفور فند مفردات ثقافة التخلف وهي الانكفاء على ماضي متخيل وهذا الماضي لا أساس له في الواقع، ويدعو عصفور إلى نشر التسامح وثقافة الحوار وأهمية الإعلام الذي أصبح عبارة عن ضوضاء وصخب وحوارات عقيمة كما نحتاج لترسيخ قواعد مجتمع المعلومات وليس هناك مجتمع معلومات بدون شفافية وديموقراطية فنحن في حاجة إلى إرادة سياسية لمقاومة ثقافة التخلف. وقال الناقد والمترجم طلعت الشايب "إن نقد ثقافة التخلف هي حرب ثقافية بين ثقافة التقدم وثقافة التخلف وترجع أهمية الكتاب لتوقيته حيث يدق ناقوس الخطر وكاتبه الذي يحسن التعبير عن المجتمع هو ناقد ومثقف يعيد الوصل التفاعلي، ولو لم يكتب هذا الكتاب لكان مشاركا في ثقافة التخلف ولكنه كمثقف عضوي لا يعتبر نفسه بعيدا عن مجتمعه العربي فهو ناقد مسؤول يشعر بالمسؤولية ويتفاعل مع المجتمع ويبحث عن حلول لقضايا ثقافة التخلف، والكتاب في مجمله يحمل خطابا ثقافيا جديدا ويرسم خطا جديدا للمجتمع يؤدي لتسريع عجلة التقدم ويفتش فيه عن الثقافة التي أفرزت هذا الواقع المتردي". وأضاف الشايب أن الثقافة قد تكون ثقافة عقلانية، وإبداعا، وتسامحا وقد تكون ثقافة اتباع وإرهاب وقمع ومصادرة أي أن الثقافة إما ثقافة تقدم أو ثقافة تخلف وهي في الحالتين قوة، فثقافة التقدم هي قوة في المعرفة وثقافة التخلف هي قوة في هدم المجتمع. وأوضح الشايب أن عصفور يشرح في كتابه كيف تنشأ ثقافة التخلف وتتحول من كونها نتيجة للوضع المتردي إلى أداة للاستمرار فيه وهي حصانة ضد التغيير وعيش في الماضي وعدم اعتراف بالآخر أو المختلف. وأبدت الكاتبة الدكتورة هالة فؤاد ملاحظات على الكتاب كما طرحت بعض التساؤلات وقالت: بالنسبة للمنهج فالذات التنويرية التي تم صياغة الكتاب من خلالها تتميز بالعقل المرن والانفتاح، والمؤلف يكتب بهاجس المراجعة وبمراحل منهجية تراكمية ويمتزج داخل عصفور الناقد الأدبي بالتكوين الفلسفي العميق وهو يتمتع ببصيرة فلسفية تجعلنا إزاء جدارية كبرى. وعقب الدكتور جابر عصفور بالقول "إن نقد ثقافة التخلف ليس عنوان كتاب وإنما عنوان مشروع أخذته على عاتقي لأننا نسير بخطى سريعة على طريق التخلف، والكتاب يتحدث عن الجذور الضاربة في الماضي، فإذا عدنا إلى هذا الماضي الذي نتشدق دائما به سنكتشف أنه غير زاه، وأن هذا الماضي متخيل وما يسمى باللحظات المضيئة التي تحقق فيها العدل نسبيا في التاريخ الإسلامي ضئيلة جدا، فعصور الظلم أكثر من عصور العدل، وأشار إلى مشكلة الاتباع وكيف يتكون"، مؤكدا أن الصراع بين العقل والنقل ضروري.