باءت جميع محاولات "أم يوسف" بالفشل وهي تحاول إقناع ولدها البكر "يوسف" بالالتفات إلى مستقبله التعليمي، خاصة وأنه على أبواب المرحلة الثانوية، وتخشى عليه من الانجراف خلف تيار الصحبة السيئة. أم يوسف توصلت أخيرا إلى الطريقة الملائمة مع ولدها، وهي طريقة المدح والثناء، حيث تقول: "عندما اعتمدت أسلوب المدح تعدلت السلوكيات غير المرغوبة في ولدي، وفي الوقت ذاته يعمل أسلوب الذم والتجريح والتأنيب على هدم ثقته بنفسه مما يؤثر عليه مستقبلا". أما الأربعيني عوض الخليف فيحرص على مدح أبنائه الصغار، خاصة عندما يلحظ منهم أي تصرف مقبول، ويرى أن هذا الأمر يعمل على مضاعفة اجتهادهم ليظهروا كل إمكاناتهم. يقول الخليف إن مدح الطفل أو المراهق ضروري جدا من أجل بناء الثقة بالنفس، وحسب تجربتي فإن الطفل يشعر بالبهجة عندما يلقى الإطراء على ما أنجزه، في المقابل يحدث النقيض، ويشعر بالإحباط عندما يبالغ الأهل في ذمه تجاه سلوك ما". وتستهجن "أم سلطان" طريقة زوجها في التعامل مع أبنائه، وتقول "أعارض زوجي دائما في معاملة أبنائنا، فسرعان ما يبالغ بذمهم تجاه ذلك السلوك الخاطئ، وفي المقابل عندما يصدر منهم أي سلوك يستوجب الثناء لا يبالي لهذا الأمر". وأضافت "زوجي يجيد صفة الانتقاء، أذكر عندما أبلغته بالدرجات التي حصل عليها ولدنا سلطان انتقى الدرجة السيئة التي حصل عليها في مادة الأدب، وتجاهل ما تحصل عليه من درجات عالية في بقية المواد". من جانبها أكدت اختصاصية الإرشاد النفسي مريم العنزي على أهمية المدح والثناء خاصة للأطفال، وقالت "من المهم أن يعي أولياء الأمور أهمية هذا الأسلوب، خاصة عندما يقدم الأبناء ما يستوجب الشكر والمدح". ونصحت الوالدين بضرورة المدح، حتى وإن لم تكن هناك نتيجة تذكر، معللة ذلك بقولها: إن "مثل هذا الأمر سيجعل الأبناء يؤمنون بأن المجهود نفسه أهم من الإجادة في النتيجة النهائية، وبالتالي يحاولون الحصول على مدح وثناء أكثر من قبل الوالدين، وينتهي بهم الأمر إلى تحقيق الجودة في العمل". ولفتت العنزي إلى الأثر السلبي الذي قد يحدث للأبناء في حال عدم حصولهم على المدح والإطراء من قبل والديهم، وقالت: "عندما يتوقع الأبناء المدح من ذويهم، ولا يجدونه ستنجم عن ذلك حالة نفسية سيئة تنعكس على الشخصية، فيصابون حينها بالإحباط، وعدم القدرة على تحسين سلوكياتهم خاصة الأطفال منهم". من جانب آخر حذرت من المبالغة في المدح، ووصفتها بأنها قد تفسد الغاية والهدف منها، خاصة عندما يمدح الوالدان طفلا دون الآخر في أمور لا تستوجب المدح والثناء، فينجم عنه التعالي والغرور على من يحيطون بالطفل سواء من إخوته أم من غيرهم. وأكدت الاختصاصية أن دور الآباء الإسهام في تطوير قدرات الأبناء، خاصة فيما يتعلق بالمهارات الحياتية، والتي هم بأمس الحاجة لتعلمها، ومن شأن المدح أن يزيدهم في التمسك بها وتطويرها، وبالتالي تصبح عادة صحية تفيدهم مستقبلا.