قلق متواصل يحاصر الثلاثينية أم روان وينغص عليها خلال زيارتها العائلية لبيت الأسرة الكبير في نهاية كل أسبوع. وينبع قلقها في أن صغيرتها التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها تتفنن في نقل وإفشاء الأسرار خاصة فيما يتعلق بالخلافات بين والديها خلال الأسبوع. تقول أم روان: تسريب المعلومات أمر ليس بالهين فكثيرا ما أشعر بالتوتر حينما اصطحب الصغيرة لمثل تلك الاجتماعات العائلية، وفي المقابل لا يمكنني تركها مع الخادمة في المنزل فجدتها لوالدها دائمة السؤال عنها، وتابعت بمرارة: يزداد الأمر سوءا بحضور سلفتي المغرمة بسماع تلك الأسرار والتي استطاعت بأساليبها سواء المعنوية أو المادية من تقريب الطفلة إليها واستدراجها في نقل الأخبار. وتابعت: لطالما نهرت صغيرتي عن تلك العادة غير السوية، ولكن دونما أية فائدة، وما إن ترى قالب الحلوى من أي شخص حتى تبدأ بسرد ما لذ وطاب من الحكايات الواحدة تلو الأخرى. أم روان وغيرها كثير من الأمهات يساورهن ذلك القلق، ولا يجدن وسيلة لعلاج تلك العادة أو الحد منها، لاسيما وأن الطفل في سنواته الأولى يعبر بعفوية ولا يمتلك قدرة التمييز بين ما هو نافع وما هو ضار. ولم تكن حال أم هيثم على منأى من حال سابقتها حيث تنغص عليها تلك العادة السيئة التي أصبحت متلازمة لطفلها هيثم في كل زيارة حيث تقول: ينغص علي هذا السلوك زيارتي في نهاية كل أسبوع لوالدة زوجي ولا يهنأ لي الجلوس مع العائلة حيث إنني دائمة الترقب لطفلي البالغ من العمر تسع سنوات وأخشى أن يسرب أسراري خاصة فيما يتعلق بالخلافات مع والده. تقول أخصائية الإرشاد النفسي والمحاضرة بجامعة الجوف مريم العنزي: لجوء الطفل إلى إفشاء أسرار أسرته يرجع إلى عدة أسباب ولا بد من الوقوف عليها ومعالجتها حتى لا يتطور الأمر ويتفاقم ويشكل خطرا على الأسرة والطفل في المستقبل. وعن تلك الأسباب تقول: من أهم الأسباب التي تجعل الطفل يفشي أسرار عائلته إبراز النفس، وحرصه على جذب انتباه الآخرين من ذوي النفوس البغيضة والذين قد يساهمون في تعزيز ذلك السلوك السلبي وتطوره حتى يشمل جميع المراحل العمرية للطفل، فالطفل لا يعي ذلك ويظن بأنه نال إعجاب الآخرين بذلك التصرف غير السوي، خاصة عندما ينال المدح والثناء من قبل أولئك الأشخاص. ونصحت العنزي الأمهات قائلة: يجب أن تحيط الأم أطفالها بكامل العناية والاهتمام حتى لا يلجؤوا لطلبها من غيرها وبالتالي يقعون فريسة سهلة في مصيدة إفشاء الأسرار من المتطفلين سواء من داخل العائلة أو من خارجها، وتابعت العنزي قائلة: هناك عدة أمور تساعد الأم في ضبط تصرفات أطفالها وتعديل ذلك السلوك غير السوي ومن أهمها تقديم النصح والإرشاد لهم باستمرار مع التوعية والتوضيحات المستمرة التي تتعلق بخصوصية ما يدور في المنزل وضرورة عدم إفشائها لأي شخص حتى ولو كان من المقربين للطفل مع مصاحبة تلك النصائح بعناصر التعزيز سواء المادي أو المعنوي، كذلك من واجب الأم أن تقدم لطفلها كامل الرعاية والاهتمام خاصة فيما يتعلق بجانب الاستماع لطفلها والإنصات لكل ما يهمس به، وبذلك لا يلجؤون للغرباء للاستماع لهم. واستطردت العنزي حديثها قائلة: كثيرا ما تغفل الأم أثناء الزيارات العائلية عن أطفالها وتندمج في الأحاديث مع جليساتها وهذا يعزز من انطلاق الطفل نحو إفشاء الأسرار بحيث يتاح له الجو الآمن حيال ذلك، ونوهت العنزي إلى أمر مهم للأمهات حيث قالت: من المهم أن تكون الخلافات الزوجية محاطة بقالب من السرية والتكتم وأن لا تكون أمام الأطفال الذين لا يعون خطورة نقلها للغير.