يتصدى الكاتب السوري عدنان فرزات بشكل مباشر لتدوين الأحداث الجارية في سورية، في روايته "كان الرئيس صديقي" الصادرة أخيرا عن دار المبدأ للنشر والتوزيع في الكويت، وتتحدث من خلال ضابط أمن يبوح بأسرار عمله بعد أن أحيل إلى التقاعد، حيث كلف من قبل مرؤوسيه بمراقبة فنان كاريكاتير يرسم عن الحريات وحقوق الإنسان، فتنشأ بينهما علاقة خفية ما تلبث أن تتحول إلى واقع يعيشه الضابط والفنان، فيصبح الأول على إثرها إنساناً مرهفاً فينقلب على عمله السابق، وينخرط في الثورة. تتفرع الرواية للحديث عن صداقة غير متكافئة إنسانياً بين رسام الكاريكاتير والرئيس، التي تتحول لاحقاً إلى خلاف مبدئي بينهما، فيتعرض الرسام لاعتداء أدى إلى تكسير أصابعه، وكاد أن يودي بحياته. تنتقل الرواية بين شخصيات أخرى، مثل عازف على آلة الكمان الذي يدخل المؤلف من خلاله إلى عالم السجون والزنزانات التي اعتقل العازف فيها، ويعرج أيضا على شخصية محورية لامرأة يتم تسخيرها من دون علمها لتتبع ومراقبة شخصيات بتكليف من الضابط السابق، الذي ما يلبث أن يستفيق ضميره بعد مشاهد القتل فيقول:"الذي دفعني للتفكير بكتابة هذه الرواية هو إحساسي بالذنب بأنني كنت شريكاً في قمع الناس، أحسست أنني أحد الذين أمسك الضحية من ذراعيها ثم كتفها كخروف في المسلخ. ولكنني أجد نفسي ملزماً أمام ثورة الناس أن أعترف على سبيل طلب الغفران من نفسي التي أخجل منها أحيانا، لدرجة أنني أتحاشى النظر إلى صور الشهداء على شاشات التلفزة". صمم غلاف الرواية الفنان التشكيلي أسعد فرزات. الناشر رأى أن في الرواية ملامح مفعمة بالإحساس الإنساني، وهي تعد سباقة في توثيق وتأريخ مرحلة مهمة. يشار هنا إلى الكاتب هو شقيق رسام الكاركتير علي فرزات الذي تعرض قبل عامين للاعتداء عليه في دمشق من قبل رجال مسلحين وملثمين كسروا له يديه، وعرف فرزات وهو من مواليد مدينة حماة عام 1951، برسومه التي تفضح ممارسات النظام وتشجع السوريين على المطالبة بحقوقهم والتعبير بحرية، ونال جائزة حرية الصحافة للعام 2011 التي منحتها منظمة مراسلون بلا حدود وصحيفة لوموند الفرنسية. كما حاز «جائزة جبران تويني لحرية الصحافة 2012»، التي تمنحها جريدة «النهار» اللبنانية و«الاتحاد العالمي للصحف»، تقديراً لالتزامه «فضح تجاوزات السلطة والنظام السوري». واشتهر فرزات بمواقفه ورسومه المناوئة للنظام السوري، التي عرضته للخطف والاعتداء وتهشيم أصابع يده، قبل أن يعود ويغادر البلاد. وكان فرزات أصدر عام 2001، أول صحيفة ساخرة في سورية، بعد السماح للصحف الخاصة بالصدور، وحملت عنوان «الدومري»، وتعرض منذ ذلك الوقت لمضايقات أمنية، إثر أخذ ورد مع وزارة الإعلام، ثم سحبت السلطات ترخيصها بعد صدور عدد حمل انتقادات لاذعة للنظام.