التفكير الإيجابي هو قدرة الإنسان على استخدام قواه العقلية (الوعي واللاوعي) لتكوين ظرف داخلي وخارجي متوازن، يكون الأمل عنوانه والثقة بالنفس سلاحه والنتائج الطيبة خلاصته.. يتمثل ذلك باقتناع الشخص بجمالية ما حوله ورؤية كل ما هو جميل فيمن حوله أيضا، وبإمكانية ختام الأعمال والأهداف بنتائج جميلة.. والسؤال كيف لنا أن نصبح إيجابيين ليتحقق كل ما هو جميل في أحلامنا وأهدافنا الحياتية؟ يستطيع الإنسان العاقل أن يدرب نفسه وتفكيره وينمي مهاراته الفكرية ويحسنها بلقاء النفس أولا والحديث إليها والتواصل معها على قاعدة إيمانية، يطمئن لها القلب ليتم التوصل إلى انسجام تام معها لتحيا بسلام، فالقلب المطمئن يساعد العقل على التفكير المتزن (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) لتمتلئ هذه القلوب نورا ولتسبح النفس في فضاء هادئ هانئة سعيدة، فالعقل يستجيب للتدريب العلمي والعملي المنظم الذي يخلص النفس من كل الصراعات الداخلية، يتبعه التخلص من الصراعات الخارجية في محيطه ومعه، ليكون الشخص إيجابيا يستطيع أن يعمل ويفكر بطريقة إيجابية؛ وذلك بتعلم طرق التفكير المختلفة وتنميتها بتعلم قواعدها وإتقانها وهكذا يعمل على انتقاء أجملها إيجابية، ليعطيها أهمية خاصة في تعلم فنونها فيقوم بالبرمجة الذاتية على هذا النوع من التفكير، وهكذا يصنع شخصية إيجابية نافعة تنفتح أمامها كل أبواب التواصل الاجتماعي التي تصبح سمتها الأساسية المحبة والثقة لتثمر نتائج جميلة، فتدريب العقل على اعتماد الأفكار والألفاظ والأمثال والصور الإيجابية وحتى على المفردات اليومية شيء غاية في الأهمية، إذ إنه باستخدام هذه المنتجات والرموز الفكرية الإيجابية تتمكن من الذاكرة لُتغرس هناك بتكرارها وباستقرارها يسهل استدعاؤها دائما، ليتم توظيفها كأدوات نافعة ذات نتائج مفيدة، إن الخلايا العصبية تمرر بشكل أسهل الإشارات التي يتكرر مرورها، فطوعها على مرور ما هو إيجابي فهي ترتاح له أكثر، وكذلك هي حاضرة دائما لاستحضارها ثم استدعائها عند الحاجة. يساعد التفكير الإيجابي على هدم الجدران التي تحاصره، حيث يتخلص بهدوء من الحواجز التي تعترضه، لذا تتسع آفاق التفكير بشكل عام لتفتح الطرق أمام النجاحات والتطورات العملية باكتشاف الآفاق الجديدة للحياة، حيث إن أفكار الشخص الإيجابي تزداد غزارة وحلوله متنوعة لا تنضب، لتوصل إلى إنجازات وعطاءات متتالية وكثيرة. من صفات الشخص الإيجابي أن يتميز بتفكير متزن، كما أن ثقته بنفسه سمة ملازمة لشخصه، وأن الأمل هو العنوان الذي يعنون إليه كل أفكاره وطموحاته، هكذا تجده ذا همة عالية وعزيمة لا تقهر، مخازنه مليئة بوقود الحياة للانطلاق.. لديه رؤية واضحة تماما فهو يعرف أين يسير؟ وماذا يريد ولماذا؟، ثابت الخطوات لتحقيق الأهداف، يركز على الحلول الموصولة إلى هناك، ولا ينشغل كثيرا بما يعترضه في الطريق من مشاكل، بل يستفيد من كل الخبرات التي يمر بها، موظفا إياها في خدمة الهدف.. يحب عمله ويجد بإتقانه كما يتفانى في مساعدة وخدمة الآخرين .. يكن الشخص الإيجابي احتراما خاصا لذاته وقدراته وإمكانياته، فهو مدرك لنفسه ومحيطه ويعلم أن كل شيء ينطلق منه هو، فلا يرمي بالمسؤولية عن سقطاته وخيباته وفشله على الآخرين، فتجده ينافس نفسه ليرتقي بها، فحافزه داخلي ذاتي وأهدافه نبيلة، لا يستثني منها الآخرين.. إن الشخص الذي ينتهج التفكير الإيجابي يرى محاسن كل من حوله بل يكتشفها ويبينها أحيانا، ويقدر جهود من حوله، فهو يؤمن أن لكل إنسان جوانب مضيئة يمكن الاستنارة بها، وهو مقتنع بأن الإنسان كفء لأن يقوم بالكثير ويستطيع إنجاز وتقديم الكثير مستخدما ما وهبه الله له من خصائص ومميزات فريدة تميز بها وحده دون غيره، وهو يرى الجوانب الإيجابية في أوضح الأمور سلبية، فيرى في الألم مؤشرا وجرس إنذار يخبر بأن هناك مرضا، وصدمات الحياة دروس يستفاد منها للمستقبل، وحلكة الليل تزيد النجوم بريقا وجمالا.. كن من الذين يرون ويتمتعون بجمال الورد لا من يشكون الشوك.. إن حصاد التفكير الإيجابي يكون جميلا، نتائجه مريحة، حيث يفكر دائما بإيجاد الحلول لكل مشكل يعترضه، بينما الشخص السلبي يفكر بالمشكل بحد ذاته، بل يخلق مشكلا جديدا من الحلول المطروحة، وهكذا يدخل في دائرة ودوامة لا يستطيع الخروج منها، معظما صعوبة حل مثل هذا المشكل بإعطائه أبعادا وصفات غير حقيقية يعيش أوهامها. لا شك أن الجو أو الوسط الذي يعيش وينمو فيه الشخص له دور مؤثر في تشكيل شخصية الفرد، إلا أنه - وكما ذكرنا آنفا - أن الإنسان العاقل يستطيع تعلم مهارات التفكير الإيجابي وفنونه.. فملازمة الأصدقاء الإيجابيين سيكون لها دور بارز في إثراء تفكيرك الإيجابي، كما أن المطالعة الدائمة وقراءة أفكار الناجحين وكتبهم تُكوِّن مرجعية تفكير إيجابية ترتقي بصاحبها دائما .. لذا ننصح بقراءة واقتناء الكتب التي تهتم بهذا الجانب لمراجعتها كلما اقتضت الحاجة، ثم حضور محاضرات ودورات المختصين والخبراء في هذا المجال لأهميته خاصة في أوقات نحن بأمسِّ الحاجة لمثل هذا التفكير الذي يساعدنا على تخطي صعاب الحياة.. إن التفكير الإيجابي ينعكس دائما على الصحة إيجابا، حيث إن انعكاساته الإيجابية واضحة بإزالة الهموم والقلق والاكتئاب والإحباط، فمن يجيد مهاراته فإنه يعيد صناعة نفسه ويطور ذاته، فالذي يغذي قلبه وعقله بالإيجابيات، يجعل مشاعره طيبة، تملؤه الصور الجميلة الرائعة لتعطيه قوة وطاقة إيجابية تجعل السعادة والسرور من سمات وجهه.. إن نسبة السعادة تكون بقدر تفكيرنا الإيجابي.. اعرف أن الحياة هي اللحظة التي تعيشها وليس ما سبقها أو ما تنتظر أن تلحق بها، فما سبقها فات ولن يعود أبدا قد تستفيد من تذكره كخبرة وتجربة مررت بها، لكن لا تحاول أن تعيش الماضي .. واللحظة الآتية ستبقى اللحظة المنتظرة فلن تلاقيها أبدا، فأنت تعيش حياتك في لحظتك هذه وهي ملتقى الماضي والمستقبل، فعش هذه اللحظة بطريقة إيجابية صحية.. فلتجعل من التفكير الإيجابي أسلوب حياة تحياه، وليصبح العمل على بناء وتنمية هذا النوع من التفكير والارتقاء به بالمعرفة والعلوم والوعي سبيلا لتحقيق الهدف والمراد.. فالتفكير الإيجابي يعطيك طاقة وحيوية كبيرة، لتسعد أنت وتسعد من حولك، فاشكر ربك على ما أنعم عليك من وافر النعم (بالشكر تدوم النعم)، وامتن لمن حولك بالشكر والعرفان لأي صنيع حتى لو كان واجبا عليهم. تأكد بأنك أنت ما تفكر به، فكن نبراسا أينما حللت، ليشع نورك في كل الاتجاهات، أحب الحياة وابتسم فلا شيء يساوى أن تبتسم، عود لسانك على الكلمة الطيبة فهي تفتح لك كل الأبواب الموصدة (الكلمة الطيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)، إن التفكير الإيجابي قوة خارقة تنشر أينما وجد صاحبها ليشع نورها فتبهج القلوب وتسعدها. لتكن ميزتك المبادرة والإقدام وصنع الأحداث لتحقيق أحلامك التي تحولها إلى أهداف، اصنع أنت هذه الأحداث بنفسك ولا تكن ردة فعل لأفكار الآخرين، اخرج من بين الجدران لترى فضاء واسعا رحبا يتسع لكل شيء ويستطيع احتواء طموحاتك وأحلامك، حرك كل الطاقات الإيجابية والخير الذي تمتلكه، فهو كفيل بأن يسعدك، هكذا هي الحياة.