تابعت كغيري من المواطنين والمقيمين ما تناقلته الصحف المحلية ومواقع التواصل الإلكترونية وما يدور حالياً في أوساط المجتمع والمجالس العامة والخاصة من تذمر واستياء إثر قيام وزارة العمل اعتباراً من غرة محرم لهذا العام 1434 بفرض رسوم جديدة على رخص العمل للمقيمين بواقع 200 ريال شهرياً أي 2400 ريال سنوياً على العمال الذين يعملون في المؤسسات والشركات التي يزيد عدد عمالها عن عدد السعوديين فيها. وبداية نقول إننا مع سعودة وظائف القطاع الخاص ونقف إلى جانب شباب الوطن للحصول على فرصة عمل، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، والقضاء على البطالة التي باتت تؤرق الجميع.. والأقربون أولى بالمعروف، فابن الوطن أحق وأولى من غيره بفرص العمل المتاحة ووسائل الكسب الحلال والتخلص من شبح البطالة المخيفة، لكن يؤخذ على وزارة العمل أن هذا القرار لم يخضع للدراسة والتمحيص والنظر في الإيجابيات والسلبيات المترتبة عليه، ولم يمر عبر الجهة المختصة بدراسة الأنظمة وتقريرها وهي مجلس الشورى، حيث إنه بعد صدور النظام الأساسي للحكم بالأمر الملكي الكريم رقم (90) وتاريخ 27/8/1412 أصبح لدينا ثلاث سلطات هي السلطة القضائية، السلطة التنفيذية، السلطة التنظيمية، حسبما نصت عليه المادة 44 من النظام الأساسي للحكم. والمقصود بالسلطة التنظيمية مجلس الشورى، وهو ما يعبر عنه في الدول الأخرى بالسلطة التشريعية سواء كان مسماه مجلس الشورى أو البرلمان أو مجلس الشعب أو غير ذلك، فكان الأجدر بوزارة العمل أن تعرض مشروع هذا التنظيم الجديد على المجلس ليقوم بحكم اختصاصه المنصوص عليه في المادة الخامسة عشرة من نظامه الصادر بالأمر الملكي رقم 91 وتاريخ 27/8/1412 بدراسة هذا التنظيم المقترح من قبل الوزارة عبر لجانه المتخصصة، فإذا ما استقر رأي المجلس على تأييد المشروع وتم إقرار ذلك يتم الرفع بعد ذلك لمقام خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – للموافقة النهائية عليه، ومن ثم يصبح نظاماً واجب التطبيق ولا يمكن إلغاؤه أو تعديله إلا عن طريق القنوات الرسمية التي مر بها النظام، كما سلف بيانه. أما أن تقوم الوزارة من تلقاء نفسها بممارسة دور السلطة التنظيمية وتفرض هذه الرسوم فإنها قد وقعت في مخالفة واضحة لنص المادة العشرين من النظام الأساسي للحكم التي نصت على أنه "لا تفرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة وعلى أساس من العدل، ولا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء منها إلا بموجب النظام". كما أود الإشارة إلى أن المتضرر الأول من فرض هذه الرسوم ليس العامل الأجنبي ولا الكفيل، بل ستضرر خزينة الدولة بالدرجة الأولى وسيتضرر المواطنون بالدرجة الثانية، ذلك أنه عند إبرام عقود المقاولات بجميع أشكالها سواء كانت عقود المباني والمنشآت أو الطرق أو التشغيل والصيانة وغيرها من العقود التي تبرمها الإدارات الحكومية مع القطاع الخاص ستؤخذ هذه الرسوم في الحسبان عند احتساب الهامش الربحي، وسيتم رفع جدول الأسعار عما كان عليه سابقاً لتغطية هذه الرسوم، أما المواطن فسيقع ضحية رفع الأسعار سواء في السلع الاستهلاكية أو الخدمات التي يحتاج إليها كالخدمات الصحية والتعليمية وغيرها التي يقدمها القطاع الخاص، ومن ثم تصبح خزينة الدولة وجيوب المواطنين هي المتحملة لهذه الرسوم. أجزم بأن هذا الموضوع محل عناية ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة، ونتمنى أن يعاد النظر في هذا القرار حرصاً على المصلحة العامة ومصلحة المواطنين في آن واحد.