في مشهد مهيب اختلطت فيه مشاعر الحزن بالفخر، ودع أهالي منطقة جازان مساء أمس الشهيد فهد الحمندي بعد أن شهدت محافظة أبو عريش توافد المئات من مختلف مدن المنطقة في صورة جسدت لحمة وطنية صادقة في لحظة الوداع الأخير. وكان عدد من كبار مسؤولي المنطقة، حضروا منذ وقت مبكر للمحافظة للمشاركة في الصلاة على الشهيد وتشيعه، إذ شارك وكيل إمارة منطقة جازان الدكتور عبدالله السويد، وقائد حرس الحدود بجازان اللواء عبدالعزيز الصبحي، ومدير الدفاع المدني بمنطقة جازان اللواء حسن القفيلي، ونائب محافظ أبو عريش علي الجبيلي. مسجد الحكير الذي أديت فيه صلاة الجنازة، اكتظ بجموع المصلين الذين توافدوا للمشاركة في تشييع الفقيد الشهيد لمثواه الأخير. "الوطن" التقت في منزل أسرة الشهيد والده ووالدته وزوجته وإخوانه، وتحدث والد الفقيد حسين فهد الحمندي بصوت حزين وعينان حاول جاهدا أن يخفي ما بهما من دموع، قائلا: تلقيت الخبر من ولدي الأكبر وكان بمثابة الصاعقة عليّ، ولم أتمالك حينها نفسي ودخلت في نوبة بكاء، مضيفا: رحل ابني الذي كنت أعول عليه كثيرا فهو الوحيد الذي يساعدنا، حيث إنني لا حول لي ولا قوة وأعول أسرتين مجموعهما 14 فردا ولا يكفي راتبي التقاعدي "1900" لمتطلباتهم". القلب الحنون.. بتلك العبارة كانت والدة الشهيد تناديه، تحدثت ل"الوطن" قائلة "إن شهيدنا وولدي الغالي كان يهتم بي ويسأل عني وهنا توقف الكلام حين غصت في دموعها لكنها عادت لتتابع "إن ابني الأكثر اهتماما بالعائلة وكان يرعاها ويعتني بها وينفق عليها من دخله الشهري فهو القلب الحنون لجميع أفراد العائلة وخاصة لإخوانه المعاقين عقليا". وفي سؤال "الوطن" لزوجته عن آخر حديث جمع بينهما، قالت: في اليوم نفسه الذي استشهد فيه أدى صلاة الفجر وذهب لمقر عمله ثم استأذن وعاد للبيت حاضنا ابنتيه رونق "3 سنوات" ورحيق "4 أشهر"، وطلب مني مسامحته والاهتمام برونق ورحيق، وقبل عودته للعمل أعطاني ورقة بيضاء صغيرة سجل بها كل ديونه عندها أحسست بشعورغريب وأن أمر ما سيحدث وغادر البيت إلى عمله". وعن كيفية تلقيها خبر وفاته، أجابت: "تلقيت الخبر الفاجعة من زوجة زميله بالعمل التي زارتني بالبيت وكانت مرتبكة ولا تدري من أين تبدأ الحديث وبعد عدة محاولات أخبرتني فلم أتمالك نفسي ودخلت بنوبة بكاء شديدة أفقدتني الوعي. من جهته، روى شيخ حي الصفا يحيى أيوب حكمي مآثر الشهيد قائلا: "كان من أفضل الشباب خلقا وملازما للمسجد والجماعة ولا تفوته الصلوات". فيما عبر صديقه وجاره عبد الجبار عن مشاعره بقوله "لم أصدق الخبر حيث نزل علينا كالصاعقة كنا طوال حياتنا مع بعضنا لم نفترق وها أنا أفقد أخي الذي كان ملتزما محبا للخير ورحيله خسارة لكننا نشعر بالفخر أيضا لأنه استشهد مدافعا عن وطنه". والد زوجة الفقيد علي يحيى عسيري وخاله محمد قميري، أكدا أن الشهيد من أفضل الناس خلقا فلا يعود من السفر إلا ويزورهم بصبيا ويسلم على الجميع فالكل يحبونه. من جانبه عبر قائد حرس الحدود بمنطقة جازان اللواء عبدالعزيز الصبحي، عن بالغ حزنه، مؤكداً أن الشهيدين قاما بواجبهما الأمني لدحر المعتدين والفارين من العدالة واستشهادهما شرف عظيم، داعياً الله أن يرحمهما ويسكنهما فسيح جناته. إلى ذلك، قال نائب محافظ أبو عريش علي الجبيلي إن محافظات المنطقة ضربت في هذه الحادثة أروع المشاهد في التكاتف والتآزر حين وفد كثير من أهالي محافظات المنطقة للمشاركة في العزاء والمواساة لأهل الشهيد.