ظهرت في العامين الماضيين في المملكة أزمة توقف الإنتاج الدرامي بعد رمضان، وهي أزمة لم يعتد عليها الوسط الفني خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث كنا نشهد إنتاج أعمال على مدار السنة، لم تكن بهذا الكم الذي يتم حاليا، ولكن كانت العجلة تدور، ثم تتوقف، وتعود للدوران من جديد وهكذا..، والسؤال الذي يدور في الأذهان، ما هي الأسباب التي أوصلت الساحة الفنية إلى هذا الوضع؟. يقول الفنان مرزوق الغامدي إن "عملية الإنتاج أصبحت مكلفة للغاية، ومن الصعب أن يغامر المنتج دون أن يعرف إلى أين يتجه، لقد أصبحت القنوات الآن تشتري أربعة عروض خلال شهر رمضان، ثم تعيد عرضها بعد انقضاء الشهر بما في ذلك القنوات الكبيرة والأكثر مشاهدة التي تحقق عائدا إعلانيا جيدا، وقد تعود الجمهور على ذلك في السنوات الأخيرة". وأضاف أن "شركات الإعلانات أصبح لها دور مهم في صناعة الدراما، وبدأت تشارك في إبداء الرأي، وبعضها يرفض رعاية المسلسل إلا بعد معرفة أبطاله، ناهيك عن دخول قوة مؤثرة الآن في عملية التسويق. وأوضح الفنان محمد الكنهل أن تواصل التنمية في المملكة جعلها أكثر جذبا للإنتاج الدرامي في منطقة الخليج، لكن هناك حالة من الهدوء لأمرين، الأول هو أن الصيف قد جاء قصيرا هذا العام وبعض الفنانين لم يرتح أو يسافر قبل رمضان، فخصص إجازته بين العيدين. كما أن قصر الفترة بين عيدي الفطر والأضحى جعل الكثير من المنتجين يؤجلون الخوض في أي أعمال في الفترة الحالية، إلى جانب انشغال بعض الفنانين بالمسرح. وأضاف "ولكن إذا بحثنا في الكواليس الآن فستجد أن هناك صراعا حقيقيا على الأرض لحجز الممثلين والمخرجين، والمؤلفين من أجل الزحمة المتوقعة بعد عيد الأضحى، معتبرا أنه من الصعب أن يتوقف الإنتاج أو يقل في السعودية لأنها هوليود الخليج، والدليل هو تواجد عدد كبير من الفنانين الخليجيين على مدار العام. أما مدير الإنتاج أحمد نعمان، فقال: "إن تأخير تصوير الأعمال الدرامية إلى ما قبل رمضان بأشهر عدة هو نتيجة طبيعية لبحث المنتجين عن فضائيات يعرضون من خلالها أعمالهم في ظل الأزمة الاقتصادية. وأضاف: "لم تعد عملية التوزيع بالأمر السهل كما كان يحدث في السابق نتيجة زيادة عدد الشركات المنتجة، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الكثير من الأعمال يتم تحضيرها لشهر رمضان، لكنها لا تعرض بسبب عدد الأعمال الموجودة. وبين نعمان أن الفضائيات بدأت تقدم دراما جديدة في شهر رمضان فقط، وتقوم بإعادتها للمشاهدين على مدار العام، لافتا إلى أن صناعة الدراما في العالم العربي لن ينصلح حالها إلا من خلال وجود رؤوس أموال لدى الشركات الفنية من أجل عرض عمل متكامل، بدلا من نصوص وأفكار تنتظر موافقة الفضائيات. أما الفنان والمخرج عمر الجاسر، فرأى أن غياب التنسيق بين المنتجين والموزعين والفضائيات تسبب شللا حقيقيا داخل الساحة الفنية، وقال: "هناك من يعمل في صناعة الدراما بطريقة بدائية من دون تخطيط حتى على المستوى الإعلامي، فالكثير من المنتجين لم ينتبهوا إلى أن الإعلام مهم جدا للتعريف بأعمالهم، فالمنتج لن يوزع عمله إلا إذا كان له صيت إعلامي، وهذا ضعف قراءة للواقع. وأشار الجاسر إلى أن بعض الفضائيات لا تسوق الأعمال إعلانيا بشكل جيد اعتقادا منها أنها الأفضل، وأن كل المعلنين سيأتون إليها، وهذا غير صحيح، فالقنوات هي من ابتكرت السوق الموسمية للدراما، وكان يجب على المنتجين ألا يقبلوا بذلك أبدا لأنهم سيكونون معطلين 6 أشهر على الأقل. المخرج ضيف الله الحارثي شدد على أن المنتجين والقنوات يركزون على الدراما في رمضان لأنه موسم النجاح، وقال "إذا كان لا بد من تنشيطها بعيدا عن رمضان فيجب أن يكون هناك دور للمؤسسات الإعلامية الحكومية التي لا تخضع للربح والخسارة إذا كانت تؤمن بالفعل أن الدراما واجهة حضارية وثقافية للشعوب". وأضاف "قد يتوقف كل من المنتجين والقنوات الخاصة عن الإنتاج بعد شهر رمضان لأنهم يعتمدون على أنفسهم في التوزيع، والبيع، والشراء، لكن يجب أن تكون هناك حلول أخرى، وهي العودة إلى المسلسلات التي يكون عدد حلقاتها 15 حلقة أو السباعيات، والسهرات الدرامية، والابتعاد عن مسلسلات ال30 حلقة"، لافتا إلى أن أشهر الأعمال وأكثرها جماهيرية لم تكن تتكون من 30 حلقة". من جهته قال الفنان ماجد مطرب فواز: "إن الدراما تواجه أزمة في كل شيء، نحن نضحك على أنفسنا إذا اعتبرنا أن كل شيء "وردي"، فعلى سبيل المثال هناك أزمة نصوص، والسبب عدم إجازة بعض الموضوعات المهمة، والدليل أننا نسبح في مكان مغلق، والتكرار أصبح هو سيد الموقف". وأضاف "لم يفكر أحد كيف انتشرت الدراما التركية بهذا الشكل، لأنها تقدم حقائق تاريخية، ونحن نقدم ظواهر في المجتمع مثل الطلاق، والزواج، والصراع الأسري، ومن هنا هبطت الدراما وأصبحت تجارة موسمية تكاد تفقد بريقها".