للتراث عنوان، ومن عناوينه سيدات ما زلن يغزلن الصوف بأيديهن الناعمة، ويصنعن "السدو" تحت مسمى الأسر المنتجة، التي لم تجد مكانا جيدا لممارسة ما تنتجه، وما زالت تطالب بمكان يجمعهم لعرض منتوجاتهم وهيئة تقدر جهودهم الذاتية وهم يمثلون تراث مملكة بأكملها. التقت "الوطن" بالحرفية بخيتة الحويطي التي تكنى بأم عبدالعزيز، تلك الحاصلة على المركز الأول للمنتوجات الغزلية في سوق عكاظ في نسخته السادسة أخيرا في مدينة الطائف، وحصلت ابنتها نوف على المركز الثاني بالأشغال اليدوية. تحدثت الحويطي بأسى عن التراث الذي بدأ يندثر، وقالت "النساء تجاهلن تراث آبائنا وأجدادنا، فمتى يعود التراث؟" وتضيف "ذات يوم سقطت دموعي بسبب وجود مفرش من التراث بالقرب من حاوية الزبالة، فلم أتوقع أن يصل حالنا إلى هذه الدرجة"، وعلى الرغم من أن أم عبدالعزيز تحمل الشهادة الابتدائية إلا أنها تقوم بتدريس طالبات جامعة تبوك لمنهج خاص بالمنسوجات والغزل بناء على طلب من دكتورة بالجامعة، والتي أكدت أن خبرة أم عبدالعزيز تساوي شهادة الجامعيات بالتدريس، وأضافت أم عبدالعزيز "طالبت كثيرا من الجهات المختصة عمل جمعية نسائية نحيي بها تراثنا ونعلم الأجيال القادمة من البداية كيف نأتي بالصوف من الغنم وطريقة غزله إلى أن يخرج بطريقته النهائية"، مشددة على أهمية الدعم المادي والمعنوي وتكريم المشاركين بالمهرجانات التراثية كالجنادرية وسوق عكاظ على مستوى المنطقة، وأكدت أم عبدالعزيز أن ذلك دافع للعطاء أكثر وللنجاح، وقالت "المرأة السعودية تستطيع أن تبرز في مجالات متعددة كالفن والأشغال اليدوية والحرف كل حسب هوايتها، فجميعهن مستعدات للإنتاج وإن توفرت لهن المصانع ستكتفي المنطقة بالملابس الشتوية وستنتهي البطالة النسائية فالجميع منتج"، وأردفت قائلة "لدينا ثروة لا تقدر بثمن ونحن أولى بأن ننتج قطعة سعودية وأضافت"، مستدركة أن الأجانب دائما ما يقدرون تراثنا أكثر من أبناء بلدنا، وذكرت موقفا لسائح فرنسي أثناء مشاركتها في سوق عكاظ عندما شاهد بعض القطع الأثرية فانبهر بطريقة صنعها وقام بتصويرها وإرسالها لزوجته التي أصرت على شرائها، وقالت "أبدى اندهاشه عندما علم من زوجي بأنه من صنع يدي فقال له إن يديها لا بد أن تلتف بالحرير". من جانبه أوضح مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بتبوك عمر الفاخري أن الجمعية تسعى جاهدة وفق إمكاناتها للمساهمة في تفعيل دور الحرفيين في مجالات التنمية المختلفة، وإبراز قدراتهم وإبداعاتهم في الفنون التراثية، بالإضافة إلى المحافظة على موروث المنطقة، مشيرا إلى أن الجمعية قامت بالعديد من المبادرات لتحقيق تلك الرؤى، ولعل آخرها مهرجان التراث الذي أقيم نهاية الأسبوع الماضي، والذي خصص للحرف اليدوية بالمنطقة، مبينا أن المهرجان ساهم في التعريف بالحرفيين وحرفهم اليدوية، كما سهل لهم تسويق منتجاتهم التراثية. وأضاف الفاخري "قمنا بتكريم الحرفية بخيتة الحويطي خلال المهرجان تقديرا لها على جهودها في حفظ الموروث الشعبي"، لافتا إلى أن الجمعية بصدد الاستفادة من خبراتها في دعم الفتيات من فئة الحرفيات خلال المرحلة المقبلة، وأضاف "مهما عملنا فإنا نبقى مقصرين في حق التراث والحرفيين".