أنا والآيفون.. الحقيقة المدمجة

كعادتها السنوية أطلقت (أبل) الجيل الجديد من جهازها الشهير (آيفون) قبل فترة، وتهافت الناس في أرجاء العالم لاقتناء هذه النسخة الجديدة وما تزخر به من الحديث في التقنية. لن أتغزل في مزايا الجهاز الجديد ولن أقارن قدراته مع منافسيه، بل سأركز هذه المرة على أحد الأسباب التي جعلت الأجهزة المحمولة الذكية محل اهتمام وإقبال المستهلكين من مختلف الأعمار والفئات، وسأسلط الضوء على طريقة تشغيل هذا النوع من الأجهزة التي لا تتطلب أي خلفية تقنية مسبقة، بل يكتفي المستخدم بسحب أصبعه والنقر على الشاشة ليستعرض الصور أو يشغل الألحان أو حتى ليتابع أسواق الأسهم ويجري الحوالات البنكية. وهذه الطريقة البسيطة، والتي جعلت أطفال اليوم ما دون الست سنوات من مستخدمي الأجهزة المحمولة واللوحية، لا تقارن في سهولتها بما كانت عليه الحواسيب الآلية في ثمانينات القرن الماضي عندما كان المستخدم يجاهد ليطبع سطور الأوامر على الشاشة السوداء - والويل إن أخطأ في التهجئة - وذلك ليتمكن من عرض صورة واحدة.
إن جاز التعبير يمكن القول إن الحاسب خرج من صندوقه وتعليماته المعقدة ليتفاعل مع الإنسان ومع حركاته وحواسه في حياته اليومية، وهذا ما يعنيه مصطلح (الحقيقة المدمجة) أو Augmented reality. من منظور هذا المصطلح ظهرت اليوم العديد من التطبيقات ذكية الفكرة وبسيطة التشغيل في نفس الوقت، مثلا إن حصل وضللت الطريق فما عليك إلا تشغيل برنامج الخرائط ليحدد لك موقعك بدقة على الخريطة ويرسم لك الطريق الصحيح بالأسهم، ويدلك كذلك بتوجيه صوتي. وإن حصل وقابلت أحدهم للمرة الأولى، فوجه الكاميرا لتلتقط صورة له وسيقوم برنامج مخصص بالبحث عن صاحب الصورة في الشبكات الاجتماعية وسيعطيك ملخصا لهواياته واهتماماته. مثال آخر يُعدّ الأشهر، هو خدمة المساعد الرقمي الصوتي (سيري) والتي عن طريقها ستتحدث بصوتك إلى هاتفك كأنه إنسان حقيقي لتسأله عن جدول المواعيد وأحوال الطقس ولتطلب منه كتابة الرسائل وإرسال البريد الإلكتروني وغير ذلك، وسيتمكن (سيري) من الرد عليك صوتيا لقدرته على ولوج حساب بريدك الإلكتروني والاطلاع على سجلاتك سواء الشخصية أو الدراسية أو حتى المتعلقة بالعمل.
من الواضح أن تقنية الحقيقة المدمجة تصبح واقعا في حياتنا كل يوم أكثر فأكثر، ولا أدل على ذلك من إتقان الأجيال الجديدة لها لسهولة استخدامها البالغة، فعندما سألت ابن جاري عن درجاته في المدرسة، ما كان منه إلا أن رفع هاتفه المحمول وهتف: (سيري) كم كانت درجتي في امتحان الرياضيات؟!!