يمضي الماضي كما تمضي السفن في البحر، بعضها يحمل ذكريات جميلة تلامس القلب، وبعضها محمّل بأثقال الألم والندم. لكن، مهما كانت حمولته، فإنه لا يبقى في الميناء، بل يمضي مع تيار الحياة كما تُملي عليه قوانين الزمن. كم مرة وجدنا أنفسنا عالقين في تفاصيل حدث قديم؟ نعيد التفكير فيه، نحلله، نبحث عن إجابات لأسئلة لم يعد لها مكان في حاضرنا. ولكن، ماذا بعد؟ هل تغيّر شيء؟ أم أننا فقط أهدرنا لحظات ثمينة من يومنا ونحن نعيش في ظل ما فات؟ الحقيقة أن الحياة، منذ خُلقنا، لم تكن سوى نهرٍ جارٍ، لا يتوقف عند نقطة ولا يلتفت للخلف. يُقال إن «الحياة لا تنتظر أحدًا»، وهي كذلك فعلًا. فلا أحد يستطيع إيقاف الزمن، ولا شيء يدوم سوى التغيير. فهل يُعقل أن نُجبر أنفسنا على التعلق بحطام ماضٍ لم يعد له وجود إلا في ذاكرتنا؟ وما أصعب أن يكون هذا الحطام هو خيبة الأمل والخذلان!. الخذلان مؤلم، لكنه ليس النهاية. ربما يكون درسك الأهم، الذي يعلمك ألا تضع سعادتك في يد أحد، وألا تنتظر من الآخرين أكثر مما يستطيعوا أن يعطوه. الخيبات لا تعني أن الحياة توقفت، بل تعني أننا كبرنا خطوة، ونضجنا أكثر. أن نترك الماضي لا يعني أن ننساه، بل أن نتقبله كما هو، نأخذ منه ما ينفعنا، ونمضي. فليس المهم ما كان، بل ما هو كائن وما سيكون. المنطق بسيط لكنه يحتاج لقوة داخلية: الماضي قد انتهى، والمستقبل لم يأتِ بعد، وما لدينا الآن هو الحاضر، فلنعشه كما يجب.