يعتقد البعض بأن الفرق بينهم وبين من نجحوا في حياتهم يرجع الى مايسمى ب (الحظ) فهم ينسبون كل تعثر أو فشل في حياتهم إلى الحظ، قبل كل شيء لابد أن نعلم بأن (الحظ) أو أيًا كان ما يسميه الناس هو (التوفيق) سواء قالوا (فلان محظوظ) أو (فلان حظه طيب) أو قول أحدهم عن نفسه بالعامية: (حظي نحس).. إلخ هو أولًا وأخيرًا توفيق من الله عزوجل، نعم الحظ موجود ولكن له أسبابه التي تتحقق أهدافنا أو ما نرغبه من نجاح في حياتنا، الحقيقة أن سوء الحظ كما نسميه هو في بعض الأحيان ناتج من طبيعة ما نفكر فيه وما نغرسه بداخلنا في اللاشعور. فبعض الناس تجده يعمل جاهدًا لتحقيق ما يريد بعزم وبإرادة قوية ولكنه من الداخل يتصور الخيبات والفشل ربما لتجارب سابقة فاشلة أو لضعف الاستعداد والقابلية بداخله أو لأي سبب آخر وكل ذلك يضعف تقدير الشخص لذاته، وبالتالي يضعف ثقته بنفسه وهذا يؤدي لعقدة نفسية تجعل سوء الحظ ماثلًا أمام هؤلاء الأشخاص، وبذلك هم غالبًا لا ينجحون في تحقيق ما يريدون. الموازنة والموافقة بين السعي الظاهري وبين التخيل اللاشعوري المدفون في دواخلنا له أثر كبير لا يستهان به في تحقيق ما نريد من أهداف ونجاحات، وما بداخلنا من تصورات عن ذواتنا مرتبط باستعداداتنا النفسية وقابليتنا بسبب ما نملك من أدوات تساعدنا على النجاح، ولذلك فإن التوفيق أو ما نسميه ب (الحظ) مرتبط بالإرادة والسعي وبما نفكر به، فقد تجد البعض يسعى ويجتهد ويتحين الفرص ولكنه محبط من الداخل ولا يتخيل أنه سينجح ويحقق ما يريد لأنه لا يملك القدرات والمهارات المطلوبة والتي تتوافق مع ما يسعى إليه. نستطيع القول بأن الحظ يتكئ على ركنين مهمين هما (الفرصة/ والإمكانيات والقدرات)، فالفرصة هي السعي في الأرض واستغلال كل ما يؤدي للنجاح وبأفضل القرارات، وأما القدرات فهي ما يملكه الشخص من مواهب ومهارات تعزز فرص نجاحه وتحقيقه لأهدافه، كمن يبحث عن عمل أو ظيفة ما في مجال الحاسب الآلي، فهو حين يجتهد ويسعى ويستغل أي فرصة يكون فيها إعلان عن فرص عمل في مجال الحاسب إضافة لامتلاكه المهارات اللازمة والدقيقة في هذا المجال فحينها ستكون ثقته بنفسه أكثر فتكون فرصته للحصول على هذا العمل بنسبة كبيرة، وهذا هو التوفيق أو (الحظ). ومثال آخر قد تجد شخص لديه موهبة التمثيل أو الخطابة أو حب الرسم والفنون الأدائية أو التقديم والتسويق ولكنه لم يجلس ويلومه حظه العاثر بعدم الحصول على عمل، بل تجده واثقًا ومؤمنًا بقدراته وما يملك من مواهب ومهارات وفي الوقت نفسه يسعى ويجتهد للحصول على عمل بكل الطرق المتاحة، ومن هذه الطرق حضور الدورات والملتقيات والمعارض لتطوير الذات ومحاولة إيجاد الفرص من خلال العلاقات بالآخرين والمهتمين بالمجال نفسه والتي يستطيع من خلالها التسويق لذاته وعرض مهاراته ومواهبه، وفي عهد رؤية المملكة 2030 زادت الفرص المتاحة لذلك أكثر وأكثر. وهنا تحضرني قصة يوسف عليه السلام حينما سوق لنفسه عند ملك مصر بأن يجعله على خزائن الأرض - كما جاء في القرآن الكريم - حيث وافق العلم الذي أعطاه الله في إدارة المال والاقتصاد (مهارة) مع سعيه واجتهاده وعرض ما لديه على الملك (الفرصة) وبذلك حالفه التوفيق (الحظ) وحقق هدفه. والعكس من ذلك حين تكون هناك فرصة ولكن لا يوجد المهارات اللازمة أو لا يبحث الشخص عن الفرص ولا يسعى رغم امتلاكه المواهب والقدرات المناسبة لينجح وتتغير حياته للأفضل، وحينها ستكون حظوظه في النجاح وتحقيق الأهداف أقل من غيره بكثير.