المصائب نوعان: حظ عاثر يصيبنا، وحظ حسن يصيب الآخرين. "أمبروس بيرس" نحن جميعاً مختلفون في الداخل، نختلف في طموحاتنا، ودوافعنا، وأهدافنا، وإدراكنا، وتأثيراتنا الثقافية، وبالتالي مختلفون في حظوظنا. تصفعنا الحياة بشدة فنعالج مشكلاتنا أحياناً بخلق مشكلات جديدة ثم نلوم الحظ العاثر اذا لم ننجح، فالنهضة الداخلية عند البعض مقرونة بخرافات الحظ، لذلك ما زلنا نجلس في المقاعد الخلفية في مسرح العالم لا نتقدم بل نتراجع. يقول المفكر مالك بن نبي إن نهضة أي أمة من الأمم مرهونة باجتماع مجموعة من العوامل منها: الإنسان، الموارد، والوقت. السؤال ماذا تريد من نفسك بعيداً عن شماعة الحظ؟ من المعروف أن الأوقات غير العادية هي التي تخلق الفرص، والذي يدهش معظم الناس عادة هو أن الناجحين لديهم اخفاقات، وخسائر مهمة، وخيبات مريرة، ومن المحتم أن يكون هناك أشخاص يمكن أن تحسبهم خيارات غير ملائمة للحياة حول الحظ والنجاح فهناك من نتفاءل بهم وهناك من نتشاءم منهم. ولكن الأكيد أنك تستطيع فعل الكثير في حياتك الحالية والقادمة بشرط أن تخرج من حياتك كل الأشياء التي لا تنسجم مع أهدافك وولعك وحدودك، بالطبع ستحس بالضغط لمحاولتك تجاوز كل ما لا يعنيك واستخدام اسلوب اللامبالاة سيجلب لك مزيداً من التركيز لتحقيق أهداف، ويخلق فرصة لتحديد هوية أي عمل تقوم به، فالأوقات غير العادية هي التي تصنع التغيير، وهي فرصة للقفز لمستويات من التغيير لا نحلم بها. يقول جورج برنارد شو "الرجل الوحيد الذي أراه يتصرف تصرفا منطقيا هو خيّاطي، انه يأخذ قياساتي كلّما أراد أن يصنع لي بزة جديدة، بقية الناس يتمسكون بقياساتهم القديمة وينتظرون مني أن أناسبها". إن هوية أي عمل نقوم به نحن من يحدده، ونحن المورد الحقيقي في الحياة، فالإنسان هو الأعلى قيمة بين الموجودات على ظهر هذه الأرض لذلك نحن نستحق أن نحيا حياة كريمة مُسخر لنا كل ما حولنا من تكنولوجيا وعلوم وطب متقدم ورفاهية، ألا تستحق أيها المواطن تعليما ذا جودة عالية لأبنائك، ألا تستحق طعاما جيدا خاليا من الملوثات، ألا تتمنى أن تشتري منزلا يتناسب مع دخلك، ألا يستحق بدنك عند الضعف والمرض عناية طبية سريعة بتكنولوجيا متقدمة، ألا تتمنى حديقة لأطفالك في الحي الذي تسكن به ويكون متوفرا بها كل أسباب الراحة، ألا تطمح أن تذهب لدائرة حكومية وتنهي معاملتك بنفس اليوم، الا تطمح أن تحس بالتحرر والحرية ويكون صوتك مسموعا؟ كل هذا يأتي عندما تعرف أنت قيمتك وتنسى نظرية الحظ وخرافات الصدف، إن الأمر يتعلق بكيفية فهمك لذاتك وبيئتك، ومدى اصرارك على تحقيق أهدافك مهما تعثرت أو عاكسك الزمن، فالأهداف ذات المعنى تخلق بداخلك الرضا عند التنفيذ، والنجاح البعيد عن متاريس الحظ، فالنجاح الدائم يتطلب انشغالاً دائماً، وحياة ذات معنى. [email protected]