"وسط الأسلحة تصمتُ القوانين" عبارة تتخذها مليشيات هذا العصر ذريعة للخراب ، وخنق صوت الضمير، ومنطق الحكمة ، وموت شعوب، وانهيار أوطان، من أجل زعامات بائسة،وادعاءات كاذبة. تجسدت أمامي لحظات مُفزعة مُحزنة ، وأنا أشاهد " مليشاوياً" ، تمتلئ بدلته العسكرية بعشرات الأوسمة المجهولة ، يناشد سرعة دفن قتلى الفريق الآخر ، ويقول "مهما كان دول إخواننا في الدم والعقيدة ، وشركاء الأرض، لانقبل تصويرهم ، أوتأخير دفنهم." قلت ، لابارك الله في ذلك " الجنرال" البليد، ومن معه الذين لم يعترفوا بأبناء وطنهم، إلا بعد ماأزهقوا أرواحهم، بغير حق . وأجزم أن التاريخ سيحاسبهم على إشعالهم نيران حروب عبثية أحرقت الأخضر واليابس ، وأهلكت الحرث والنسل، وأصبحت "السلة الغذائية" مصفرة محطمة تذروها الرياح ، تُنذرُ بأكبر مجاعة على تلك الديار وأهلها. وتتكرر مآسي مليشيات بأسماء إسلامية ، والإسلام منهم بريء ، يحملون أهدافاً خبيثة، للإضرار بأوطان العرب ، يمارسون التقية ، الدجل، ، العنصرية، ،وادعاء إنتصارات وهمية ، تساندهم،وتلمعهم فضائيات الفتنة والضلال، لكن الحقيقة تُشير إلى أنهم نسخة مكررة من طائفة" الحشاشين" ذات السمعة السيئة في التاريخ العربي الإسلامي ، الذين تلطخت أيديهم بالدماء ،ويغمر قلوبهم الحقد والإستهتار ، ومحاربة العقيدة الإسلامية ،و نشر الفوضى ،والتخفي داخل الكهوف والأنفاق في بيئة تطفح التخلف والجهل والمخدرات ؟ فكانت نهايتهم الهلاك، يلاحقهم العار والخزي إلى يوم الدين. يقول الدكتور عبود مصطفى عبود في كتابه الحشاشون" :حملت هذه الطائفة أفكاراً تخريبة ضارة ،واتسمت بالعقيدة الفاسدة،ورغم ذلك كان أتباعها مخدوعين بالوهم والضلال. واضاف "تسميتهم بالحشاشين جاءت نسبة إلى مادةالحشيش المخدر، ليفسدوا بها عقول أتباعهم فجمعوا بين الفكر الديني الضال ،وجرائم القتل الوحشية بالإغتيال في الخفاء،واتخذوا من القلاع الحصينة في قمم الجبال معقلاً لجرائمهم." ومن منا لايتذكر منذ سنوات صرخة رجل بلغ من العمر عتيا حين قال: "شبنا وشابت معنا أجيال من أفعال مليشيات سيطرت علينا، فتلاشت أحلامنا للحاق بالعربة الأخيرة في قطار الحياة الآمنة الكريمة" . أسئلة كثيرة ومحزنة تطرح نفسها .. إلى متى تستمر المعاناة من ذلك الوباء ؟ كيف تستقيم الحياة وتستقر الأوطان ، وهم ،ينهشونها ،ويقضمون أطرافها؟ ألا يعلم أولئك الأغبياء أن نشرهم الفوضى في بلدانهم سيؤدي حتماً إلى تقسيم المقسم، تماما مثلما حدث في " زهرة الدنيا" بنهاياتها المُحزنة قبل أكثر من خمسة قرون ، ولازالت غُصة في ذاكرة الزمان حتى اليوم.