بين مسجدها الأثري وامتداد المدرجات الخضراء ، وتنوع مواسم الحصاد،حكايات تسابق الشمس في مطلعها ، دونها التاريخ بمداد تدفق من جفون مساقيها، وشرفات قصورها ، وملامح معالمها. بلدة السقا وريدة في منطقة عسير أرض العطاء والوفاء الصادق ، وهيبة الصمت الناطق ، تراث أصيل سامق، لازال يعصف بكل ساكن وجبال لم تحنّ هامتها الأيام. وأنا في طريقي إلى ريدة بدعوة من نائب السقا صاحب مكارم الأخلاق والشيم عبدالله بن علي آل مجثل بمرافقة الشاعر الإعلامي أحمدعسيري ، والكاتب المهتم بالشأن الإجتماعي بندر آل مفرح، ورجل التربية والتعليم إبراهيم عسيري، وروح الإدارة والمبادرة عبدالعزيز آل مفرح ، والإعلامي سعيد آل نعمة، تذكرت عبارة تقول"للناس من حُسن ديارهم نصيب". فحُسن الأماكن وبهجة صيفها الأخضر المتوشح بالسحاب، لابد أن تترك أثراُ على جدار المشاعر الإنسانية، وتصنع منها محطات ارتباط تستيقظ عليها الذكريات الجميلة في حياة الإنسان . واستقر بنا المُقام في مزرعة وارفة الظلال على ضفاف وادي"يقُضو"، تستنطق من يتجول فيها بالتهليل للخالق عز وجل، وسط منظومة بيئية متكاملة ما بين أشجار( موز ريدة) ذائع الصيت، وأغصان المانجو المثقلة بثمارها، في حين تتلألأ شجيرات البن النادرة ، وقامات السنابل ومناحل عسل المجرى والسدر كالقناديل المضيئة المعلقة على أهداب المساء، تتناغم معها تغربدات الطيور، ومناظر حقول البرك والكادي والريحان والنباتات العطرية والازهار البرية المتنوعة، فيتردد في الأرجاء صدى شاعر شعبي قديم تغنى بهذه الأرض وجمالها وخيراتها ومماقال: "وفي طورهاغروس البن والموزواجدٍ تسلي سوانيها وسكبت غروبها وفيها الكظايم يوم تقبل رسايلٍ تسلي لنا الخُطر وتجلي كروبها ".